أبيض) من الجواسيس والمطاردين، وبالإعدام السريع. ولم يكن الجنود القدامى بمستطيعين نسيان مطاردة ني Ney وإطلاق الرصاص عليه، وكان الجيش لا يزال يذكر بإعزاز نابليون (ذا الجسد الضئيل) الذي كان يتحدث بلا كلفة مع المجنّدين حول النيران الموقدة للتدفئة في المعسكرات، فنابليون هذا قد رقّاهم دون نظر إلى طبقاتهم ودون تأخير بيروقراطي، وكان جيشه العظيم فخراً لفرنسا ورعبا للملوك (أعداء فرنسا).
وتذكر الفلاحون أن نابليون حماهم في مواجهة مطالب النبلاء والإكليروس clergy . وكانت البروليتاريا proletariat قد انتعشت في ظل حكمه، وكانت الطبقة الوسطى قد حققت ثروة وحظيت بالمكانة الاجتماعية. وشعر ملايين الفرنسيين أنه رغم أوتوقراطيته autocracy (ممارسته حكم الفرد) فإنه حافظ على أساسيّات الثورة: نهاية الإقطاع وعوائده ورسومه المرهقة، فتح الطريق للتقدم والترقي أمام كل الطبقات دون استثناء، المساواة أمام القانون، تسيير أمور العدالة بناءً على قوانين واضحة ومكتوبة موحّدة على مستوى الأمة. وعلى هذا فبعد عشرين عاما من وفاته، وُلد نابليون من جديد وراح من جديد يسيطر على عقول الناس وخيالهم. كتب شاتوبريان Chateaubriand:
" العالم مرتبط بنابليون … لقد فشل نابليون في الاستيلاء على العالم وهو حي، لكنه امتلكه بعد أن مات".
لقد غذَّت المشاعر البونابرتية ثورة ١٨٣٠ المعتدلة. لقد انتهى تسلسل الملك بشكل مباشر في أسرة البوربون بتنحّي شارل العاشر عن العرش، فقد كان الملك الجديد لويس فيليب من الفرع الأورلياني Orleanist للبوربون، وكان ابنا للويس فيليب جوزيف، دوق أورليان الذي كان يطلق على نفسه فيليب إيجاليتيه Philippe-Egalite (فيليب مساواة، فالكلمة Egalite تعنى مساواة) وكان قد صوّت لصالح إعدام لويس السادس عشر. لقد نَعِم الملك الجديد لفترة بتأييد البونابرتيين ودعْمهم، وقد جعل من شعار الألوان الثلاثة (علم الثورة) رمزا للحكم الإمبراطوري وأمر بإعادة تمثال نابليون إلى قمة عمود فيندوم Vendome.
وفي هذه الأثناء كانت وصيّة الرجل الميت (نابليون) قد نُشِرت، وبدت الفقرة الثانية منها رغبة إمبراطورية أخيرة:
"أرغب في أن أُدفن على ضفاف نهر السين بين الشعب الفرنسي الذي أحببته كثيرا".
وفي كل أنحاء فرنسا راحت ترتفع وتتعالى مناشدات الأمة "أعيدوه إلى وطنه". دعوا فرنسا تقيم لبطلها الجنازة التي يستحقها مثله. دعوا الرفات