بمختلف الهدايا المغرية - عطور وساعات ومدافئ وشراب الويسكي، يقدمها للإمبراطور والإمبراطورات وأمراء البيت المالك؛ غير أن الحاكم العسكري الجديد "أييسادا" تعمد ألا يرسل هذه الهدايا إلى أفراد الأسرة المالكة، ووافق على توقيعه لمعاهدة "كاناجاوا" التي اعترفت بكل ما طلبه الأمريكان؛ وهنا أثنى "بري" على حسن لقاء أهل الجزر اليابانية، وأعلن مدفوعاً بقصر نظره أنه "لو جاء اليابانيون إلى الولايات المتحدة، وجدوا المياه الصالحة للملاحة في البلاد مفتوحة أمامهم، وأنه ستفتح لهم أبواب مناجم الذهب نفسها في كاليفورنيا"(٢)؛ وهكذا فتحت الموانئ اليابانية الكبرى للتجارة الخارجية بمقتضى هذه المعاهدة وما تلاها من معاهدات؛ وحددت الضرائب الجمركية وفصِّلت مقاديرها وأنواعها؛ ووافق اليابانيون على أن يحاكم المتهمون من الأوربيين والأمريكيين في اليابان أمام محاكمهم القنصلية؛ واشترطت شروط اتفق فيها على أن يوقف اضطهاد المسيحية في الإمبراطورية اليابانية، ووافقت الولايات المتحدة في الوقت نفسه أن تبيع لليابان كل ما تحتاج إليه من أسلحة وسفن حربية، وأن تعيرها الضباط والصناع لعل هذه الأمة المسالمة مسالمة صبيانية أن تتعلم على أيديهم فنون القتال (٣).
وعانى الشعب الياباني أقسى عناء مما فرضته هذه المعاهدات عليه من فروض الذل، ولو أنه عاد فنظر إليها على أنها أدوات محايدة جاءته لتعمل على تطوره، وتقرير مصيره؛ وود بعض اليابانيين أن يقاتل الأجانب مهما تكلف في سبيل ذلك، وأن يطردهم ويعيد للبلاد نظامها الزراعي الإقطاعي الذي يكفيها مؤونة الاعتماد على غيرها؛ لكن بعضهم الآخر كان من رأيه أن تقليد الغرب أجدى من طرده من بلادهم؛ فالوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها اليابان أن تتجنب الهزائم المتكررة والخضوع الاقتصادي الذي يشبه ما كانت أوربا تفرضه عندئذ على الصين؛ هي أن تتعلم اليابان بأسرع طريقة ممكنة أساليب الصناعة الغربية، فن الحرب الحديثة؛ وهنا نهض الزعماء