الداعون إلى تغريب البلاد، واستعملوا اللباقة البالغة في استخدام سادة الإقطاع أعواناً لهم في قلب الحكم العسكري، وإعادة الإمبراطور، وبعدئذ استخدموا السلطة الإمبراطورية في قلب نظام الإقطاع وإدخال الصناعة الغربية في البلاد، وهكذا حدث سنة ١٨٦٧ أن حمل أمراء الإقطاع "كيكي" - آخر الحكام العسكريين - على النزول عن سلطته، وقد قال "كيكي": "إن معظم أعمال الإدارة الحكومية معيبة، وإني لأعترف خجلاً بأن الأمور في وضعها الراهن يرجع نقصها إلى ما أتصف به أنا من نقص وعجز، وهاهو ذا اتصالنا بالأجانب يزداد يوماً بعد يوم؛ فما لم تتولَّ إدارة البلاد سلطة مركزية موحدة، انهار بناء الدولة انهياراً من أساسه"(٤)؛ وعلى هذا القول أجاب الإمبراطور "ميجي" في اقتضاب قائلاً: "قد قبلنا ما عرضه توكوجاوا كيكي من إعادة السلطة الإدارية إلى البلاط الإمبراطوري، وفي اليوم الأول من يناير سنة ١٨٦٨ بدأ العهد الجديد "عهد ميجي" بداية رسمية.
ورجعت الديانة الشنتوية القديمة، وقام أولو الأمر بدعاية قوية في الشعب حتى أقنعوه بأن الإمبراطور العائد إلى عرشه إلهيُّ النسب والحكمة، وأن ما يصدره من مراسيم يجب طاعته، كما تجب طاعة أوامر الآلهة.
فلما أن توفرت هذه القوة الجديدة لأنصار التغريب تمت على أيديهم معجزة أو ما يوشك أن يكون معجزة في تحول البلاد تحولاً سريعاً؛ فقد شق "إتوا" و "إنويي" طريقهما إلى أوربا رغم كل ما صادفهما من صعاب وعقبات، ودَرَسَا أنظمتها وصناعاتها، ودهشا لطرقها الحديدية وسفنها البخارية، وأسلاكها البرقية وسفنها الحربية؛ ثم عادا إلى بلادهما تشتعل في صدريهما الحماسة الوطنية نحو تحويل اليابان إلى صورة أوربية، فدُعِي رجال من الإنجليز للإشراف على بناء السكك الحديدية وإقامة الأسلاك البرقية وتكوين الأسطول، كذلك دُعي رجال من الفرنسيين ليعيدوا صياغة القوانين ويدربوا