أما الجانب الآخر من الصورة فكان أقل من هذا مدعاة للسرور. فنحن نرى أكليز يقدم "امرأة تحذق الأشغال اليدوية الجميلة" جائزة للفائز في سباق العربات. ونرى الخيل، والكلاب، والثيران، والضأن، والآدميين يُضحى بها على كومة إحراق بتركلوس حتى يكون له بعد موته ما يبتغيه من حسن الخدمة ومن الطعام (٤٤). ويحسن أكليز معاملة بريام، ولكنه لا يفعل ذلك إلا بعد أن يجر جسم هكتور المشوه جراً مهيناً حول كومة الحريق. وكانت الحياة في نظر الرجل الآخي قليلة القيمة، لا يعد سلبها من الأمور الخطيرة، وكانت لحظة من السرور كفيلة بردها إلى من قضي عليه بفقدها. وإذا ما غلبت مدينة على أمرها قتل رجالها أو بيعوا بيع الرقيق، واتخذت النساء خليلات إن كن حساناً، أو رقيقات إن لم تكن كذلك. وكانت القرصنة لا تزال من المهن المحترمة، وكان الملوك أنفسهم ينظمون حملات مغيرة، تنهب المدن والقرى وتتخذ أهلها عبيداً، ويقول ثوسيديدس في هذا:"والحق أن هذا العمل أصبح أهم مورد من موارد الرزق لليونان الأولين، ولم تكن هذه المهنة حتى ذلك الوقت مما يجلل صاحبها العار (٤٥) "، بل كانت تكسبه المجد. وكان في مقدور الأمم العظيمة أن تهاجم الشعوب الضعيفة المحرومة من وسائل الدفاع وتخضعها لسلطانها دون أن يعد ذلك منها مخالفاً للعدل أو الكرامة، شأنها في هذا شأن الأمم القوية في هذه الأيام. وحين يسأل أديسيوس هل هو تاجر يهتم بالمكاسب التي يسد بها مطامعه (٤٦)، يرى في هذا القول إهانة له؛ ولكنه يتحدث في زهو وخيلاء عما فعله وهو عائد من طروادة إذ قل ما كان لديه من المؤن، فنهب مدينة إسمروس Ismarus وملأ منها سفينة بالطعام؛ وكيف صعد في نهر إيجبتس Aegyptus (يقصد نيل مصر) لينهب الحقول النضرة ويسوق أمامه النساء والأطفال الصغار، ويقتل الرجال" (٤٧). وملاك القول أنه