للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقته في الدرس وأنهمك فيه انهماكاً توحي به قصة سقوطه في حفرة وهو يرقب النجوم. وكان رغم عزلته يهتم بشؤون المدنية، يعرف الطاغية ثراسيبولوس، ويدعو إلى تكوين حلف من الدول الأيونية للدفاع عن نفسها ضد ليديا وفارس (٢٣).

وتعزو إليه الروايات المتواترة كلها إدخال العلوم الرياضية والفلكية إلى بلاد اليونان. وتروي إحدى القصص القديمة أنه وهو في مصر قدّر ارتفاع الأهرام بقياس ظلها التي يكون فيها ظل الإنسان مساوياً لطول قامته. ولما عاد إلى أيونيا واصل دراسة الهندسة النظرية التي خلبت لبه بمنطقها السليم، وما فيها من استدلال علمي، وشرح كثير من النظريات التي جمعها إقليدس فيما بعد (١). وكما أن هذه النظريات كانت الأساس الذي قام عليه علم الهندسة النظرية اليونانية، كذلك كانت دراسته لعلم الفلك الأساس الذي قام عليه هذا العلم في الحضارة الغربية، بعد أن خلصه من التنجيم الذي أدخله فيه الشرقيون. وكانت له بعض الأرصاد الصغرى، وقد دهشت بلاد أيونيا بأجمعها حين أفلح بالتنبؤ بخسوف الشمس في الثامن والعشرين من شهر مايو ٥٣٥ ق. م (٢٥)، والراجح أنه قد بنى هذا التنبؤ على أساس السجلات المصرية وعلى حساب البابليين. أما فيما عدا هذا فإن نظريته في نظام الكون لا ترقى كثيراً على ما كان


(١) وهي: أن قطر الدائرة يقسمها قسمين متساويين، وأن الزاويتين المجاورتين لقاعدة المثلث المتساوي الساقين متشابهتان (متساويتين)، وأن الزاوية المقابلة لربع الدائرة زاوية قائمة؛ وأن الزاويتين المتقابلتين بالرأس الناشئتين من تقاطع خطين مستقيمين متساويتان؛ وأن المثلثين يتساويان إذا تساوت في أحدهما زاويتان وضلع بنظائرها في المثلث الثاني.