ألاعيبهم على الجماهير. فمنهم من يقذف بالكرة في الهواء ومنهم من يلعب ألعاباً تشهد بالخفة والمهارة، ومنهم من يأكل النار أو يبتلع السيوف. ذلك أن ضروب التسلية، كأنواع الخرافات، قديمة العهد يخلع عليها هذا القدم ثوباً من التقديس والإجلال. وكان أشهر الخطباء أمثال جورجياس، وأشهر الخطباء أمثال هبياس، وربما كان أشهر الكتاب أمثال هيرودوت، كان هؤلاء جميعاً يلقون خطبهم أو يتلون أقوالهم من أروقة هيكل زيوس. وكانت هذه الأيام أعياداً مقدسة للرجال خاصة لأن النساء المتزوجات لم يكن يسمح لهن بالحضور في هذه الساحة، بل كانت لهن ألعاب خاصة تقوم في عيد هيرا. وقد لخص منندر منظر هذه الألعاب في خمس كلمات جامعة فقال:"زحام، وسوق، ولاعبون، وتسلية، ولصوص"(٣٤).
ولم يكن يسمح لغير اليونان الأحرار بالاشتراك في مباريات الألعاب الأولمبية؛ وكان المتبارون (Athletes المشتقة من Athlos بمعنى مباراة) يختارون بعد اختبارات محلية وبلدية يستبعد بها غير اللائقين، ثم يدربون بعدئذ عشرة شهور كاملة تدريبا صارماً على أيدي مدربين محترفين يسمون بيدترباي paidotribai (ومعناها اللغوي مدلكو الشبان) ورياضيين يدعون gymnastai (أي العراة).
فإذا جاءوا إلى أولمبيا اختبرهم موظفون مختصون وأقسموا أن يراعوا جميع قوانين الألعاب. ولم يكن يحدث في الألعاب غش أو خروج على السنن الصحيحة إلا القليل النادر؛ منها ما قيل من أن يوبوليس Euopolis قد رشا الملاكمين حتى ينهزموا له (٣٥)؛ ولكن ما كان يفرض على هؤلاء المخادعين من عقاب، وما كان يلحقهم من مهانة، كان كبيراً إلى حد يحول بينهم وبين الإقدام على مثل هذا العمل؛ فإذا ما تم استعداد اللاعبين أخذوا إلى ميدان الألعاب؛ فإذا دخلوه نادى منادٍ أسماءهم وأسماء المدن التي بعثت بهم. وكان المتبارون جميعاً، أياً كانت سنهم ومنزلتهم، يجردون من الثياب إلا من منطقة تحيط بالحقوين