في بعض الأحيان (٣٦). ولم يبق من هذا الملعب نفسه إلا الألواح الحجرية التي كانت توضع بين أصابع أرجل المتسابقين في بداية السباق. وكان النظارة البالغ عددهم ٤٥. ٠٠٠ يحتفظون بأماكنهم في الملعب طوال النهار يقاسون الأمرين من الحشرات والحر والظمأ؛ ولم يكن يسمح لهم بلبس قبعاتهم، وكان الماء الذي يسقون منه رديئاً غير صالح للشرب، كما كان الذباب والبعوض يملأ جو المكان كما يملأ أمثاله في هذه الايام. وكانت القرابين تقرب مراراً وتكراراً إلى زيوس طارد الذباب (٣٧).
وكانت أهم المباريات في هذه الألعاب هي التي يطلقون عليها اسم المباريات الخمس (١) (pentathlon) . وأراد اليونان أن يكون اللاعبون متمكنين في هذه الألعاب جميعاً، فكانوا يحكمون على من يتقدم للمباراة في واحدة منها أن ينازل غيره فيها جميعاً، ولا يعد اللاعب منتصراً إلا إذا فاز في ثلاث لعبات من خمس. وكانت أولاها هي القفز الواسع، فكان اللاعب يمسك بيديه ثقلين شبيهين بكتل الحديد المستديرة ويقفز بهما من موضع معين، ويؤكد لنا الكتاب الأقدمون أن بعض القافزين كانوا يقفزون إلى مسافة خمسين قدما (٣٨)، ولكنا غير ملزمين بأن نصدق كل ما نقرأ. واللعبة الثانية هي قذف القرص وهو لوحة مستديرة من المعدن أو الحجر تزن نحو اثني عشر رطلاً، ويقال إن أكبر القاذفات كانت تصل إلى مسافة مائة قدم (٣٩). وكانت اللعبة الثالثة هي قذف الحربة أو الرمح بالاستعانة بِشَرعة من الجلد متصلة بوسط السهم. وكانت المباراة الرابعة هي الجري مسافة قصيرة بأقصى سرعة في الملعب نفسه، وكانت هذه المسافة تبلغ نحو مائتي ميل في الغالب. وكانت المباراة الخامسة هي المصارعة، وهي من المباريات المحببة كثيراً إلى اليونان، ومنها اشتق لفظ Palaistra نفسه، وما أكثر ما يروى من القصص عن الأبطال المصارعين.
(١) وتشمل هذه المباريات المصارعة، وقذف القرص، وقذف الرمح، والقفز، والجري.