"الخدمات"، ويُلزم الرأي العام غيرهم بأدائها. وكان مما يضاعف متاعب الأغنياء أن كان في وسع أي مواطن يُطلب إليه أداء إحدى هذه الخدمات العامة أن يفرضها هو نفسه على أي مواطن آخر أو أن يستبدل بها فريضته إذا أثبت أن هذا المواطن الآخر أغنى منه. وكان الحزب الدمقراطي كلما قوي سلطانه يجد مناسبات وأسباباً مطردة الزيادة لاستخدام هذه الوسيلة؛ وكان الماليون، والتجار، والصناع، وملاك الأراضي في أتكا في نظير هذا جادين في البحث عن أحسن الطرق لإخفاء ثروتهم والوقوف في وجه الجباة، وتدبير الثورات.
وقد بلغت إيرادات أثينة في أيام بركليز نحو أربعمائة وزنه (٠٠٠ ر ٤٠٠ ر ٢ ريال أمريكي) في العام لا تدخل فيها هذه الهدايا والفرائض، ويضاف إليها ستمائة وزنة ترد من البلاد الخاضعة لها ومن أحلافها. وكان هذا الإيراد يُنفق من غير أن توضع له ميزانية توزِع بنوده وتخصصها لأبواب النفقات المختلفة. وقد زاد المتجمع في خزانة الدولة من الفرق بين الإيرادات والنفقات في أيام بركليز، وبفضل إدارته الاقتصادية الحكيمة، وبالرغم من نفقات الدولة الكثيرة التي لم يسبق لها مثيل، زاد هذا المتجمع زيادة مطردة حتى بلغ في عام ٤٤٠ ق. م ٩٧٠٠ وزنة (نحو ٠٠٠ ر ٢٠٠ ر ٥٨ ريال أمريكي) وهو احتياطي يُعد ضخماً في أية مدينة في أي عصر من العصور، كما يُعد وجوده في بلاد اليونان نفسها أمراً عجيباً لأنا لا نكاد نجد فيها ولا نجد في البلوبونيز كلها مدينة أخرى تزيد فيها إيراداتها على نفقاتها (٥٦).
وكانت المدن القليلة التي يتجمع فيها هذا الاحتياطي تودِعه عادةً في هيكل إله المدينة، فكانت أثينة بعد عام ٤٣٤ تُودِعه في البارثنون. وكان للدولة حق الانتفاع بهذا الاحتياطي وبذهب التماثيل التي تقيمها لإلهها. وقد بلغ مقدار هذا الذهب في تمثال أثينة برثنوس أربعين وزنة (٠٠٠ ر ٤٠٠ ريال أمريكي)؛ وقد وضع في التمثال بحيث يُستطاع إزالته