وكان الممثل في المآسي والمسالي على السواء يلبس على وجهه قناعاً، يركب فيه عند فمه مبسم من الشبهان. وكانت طريقة تنظيم الصوت في الملهى اليوناني، ووضع المسرح بحيث يراه الجالس في أي مقعد من المقاعد، طريقة فذة مدهشة. على أن اليونان مع هذا رأوا أنه يحسن بهم أن يقووا صوت الممثل، وأن يساعدوا عين الناظر البعيد على تمييز مختلف أشخاص الرواية، وكانوا يضحون في سبيل هذا بكل مميزات الصوت والوجه وتعبيراتها. فإذا كانوا يمثلون على المسرح أشخاصاً حقيقيين مثل يوربديز في مسرحية إكلزيازوسي، وسقراط في مسرحية السحب، فإن الأقنعة كانت تحاكي ملامحهم الحقيقية، وتحاكيها في الغالب محاكاة هزلية.
وقد جاءت الأقنعة إلى المسرحيات من طريق التمثيل الديني، وكانت فيها من وسائل الإرهاب أو الفكاهة. وقد ظلت تسير على هذه السُنَّة في المسالي؛ وكان فيها من القبح، وغرابة الشكل، والإسراف في هذا كل ما يستطيع خيال اليونان أن يبتدعه. وكانت الوسائد والمساند تزيد من أجسام الممثلين، والقلانس العالية والأحذية ذات النعال السميكة تزيد من أطوالهم، كما كانت الأقنعة تقوي أصواتهم وتزيد في وجوههم. وقصارى القول أن الممثل القديم كان، كما يقول لوشيان، شخصاً ذا "منظر بشع مفزع"(٢٨).
وليس النظارة أقل جدارة باهتمامنا من المسرحية نفسها. لقد كان الدخول لمشاهدة التمثيل مباحاً لجميع الرجال والنساء من كافة الطبقات (٢٩). وكان جميع المواطنين بعد عام ٤٢٠ ق. م. يعطون من الدولة الأبلتين اللتين يؤدونهما أجراً للدخول إذا كانوا في حاجة إليهما. وكان النساء يجلسن بمعزل عن الرجال كما كان للسراري مكان خاص بهن؛ وقد جرت العادة أن تمنع النساء الساقطات من حضور المسرحيات إلا إذا كانت المسرحية مسلاة (٣٠).