اليوناني أن يوفق بين الشر والله، فيقول إن العذاب كله ناشئ من الخطيئة، ولو كانت خطيئة جيل من الأجيال البائدة. ولم يكن مؤلف بروميثيوس تقياً ساذجاً، ودليلنا على ذلك أن في مسرحياته، ومنها الأرستيا، كثيراً من العبارات الدالة على الإلحاد، وقد اتهم بالكشف عن أسرار الطقوس الدينية، ولم ينجه إلا شفاعة أخيه مينياس الذي كشف عما أصيب به من جروح في سلاميس (٥٢). ولكن إسكلس كان يعتقد واثقاً أن الأخلاق الصالحة لها أن تعتمد على قوى غير قوى البشر لكي تصمد لقوة الغرائز المضرة بالهيئة الاجتماعية، وكان يرجو:
"أن يكون هناك واحد يستمع إلى الناس من عرشه الأعلى، بان أو زيوس أو أبلو، مطلع على الخلق، يعاقب على خرق القانون بالغضب ويتعقب من خرقه، وهو يقصد بهذا "تعذيب الضمير والجزاء الحق".
ومن أجل هذا تراه يجل الدين ويحاول أن يسمو عن الشرك، ويفكر في التوحيد.
"أي زيوس، زيوس، أينما يكون؛ إذا كان يحب أن يسمع هذا الاسم فسوف أدعوه به. أنقب في البر والبحر والهواء، فلا أجد في مكان ما ملجأ إلا إليه وحده، إذا نبذ عقلي، قبل موته، عبء هذا الغرور" (٥٤).
وهو يرى أن زيوس هو طبيعة الأشياء مجسدة، وهو قانون العالم أو علته، وأن "القانون الذي هو القدر والأب الذي يدرك كل شيء يلتقيان هنا ويصبحان شيئاً واحداً" (٥٥).
وربما كانت هذه الأبيات الختامية آخر ما نطق به من الشعر. ويعود بعد عامين من إخراج أرستيا إلى صقلية. ويعتقد البعض أن النظارة، وهم في العادة أكثر تطرفاً من القضاة، لم تعجبهم هذه المسرحية الثلاثية؛ ولكن يصعب التوفيق بين هذا الاعتقاد وبين ما قرره الأثينيون بعد بضع سنين،