القوية بين المأساة اليونانية في عنوان قوتها وبين المأساة اليونانية في بداية نشأتها، وذلك بعودتها إلى استمداد حبكتها من قصة ديونيشس. وقد ألف الشاعر هذه المسرحية بين جبال مقدونيا التي تصفها في أشعار لا تضعف قوتها، ولعله كان يقصد أن تمثل في بلا حيث كانت عبادة باخوس Bacchus ذات قوة عظيمة. وهي تدل على علم مدهش غزير بالطقوس الدينية ونشوتها؛ وفيها ينطق عباد باخوس بمزامير تدل على الخشوع والصلاح ليس ببعيد أن يكون الشاعر قد تجاوز فيها حدود العقلية، وأدرك وقتئذ ضعف العقل، وأن العواطف والشاعر لا بد منها للنساء والرجال على السواء. ولكن القصة تحيي من طرف خفي الدين الديونيشي، وموضوعها هي الأخرى هو ما قد ينشأ من العقائد الخرافية من شرور.
وتفصيل ذلك أن الإله ديونيشس يزور طيبة متخفياً في صورة باخوس أو متجسداً ويدعو إلى عبادة ديونيشس. وترفض بنات كدمس رسالته فيسلبهن وعيهن ويبث فيهن نشوة دينية قوية، فيذهبن إلى التلال ليعبدنه بالرقص الهمجي العنيف، ويرتدين جلود الحيوان. ويتمنطقن بالأفاعي، ويضعن على رؤوسهن أكاليل من الخلباب، ويرضعن صغار الذئاب والظباء، ويقاوم ملك طيبة هذه الطقوس ويقول إنها تناقض العقل والأخلاق والنظام، ويسجن الداعي إليها فيصبر على العقاب صبر المسيحيين الأولين. ولكن الإله الذي يتجلى ويفتح جدران السجن ويستعين بقوته الإلهية على تخدير الحاكم الشاب. ويلبس بنثيوس تحت هذا التأثير ثياب امرأة، ويتسلق التلال، وينضم إلى جماعة المحتفلات. وتتبين النسوة أنه رجل، فيمزق جسمه إرباً. وتحمل أمه، التي تملكتها "النشوة" فأفقدتها وعيها، رأسه