رأت المدن الخاضعة لأثينة أن هزيمتها محققة امتنعت عن أداء الجزية. وعملت إسبارطة بهذه النصيحة.
وظهرت قوة عزيمته حين نبذ ما تعوده في حياة الترف وعاش كما يعيش الإسبارطيون متقشفاً، مقتصداً، متحفظاً، يأكل غليظ الطعام، ويلبس خشن الثياب، ويسير حافي القدمين، ويستحم في نهر اليوروتاس Eurotas صيفاً وشتاءً، ويطيع قوانين لسدمونيا وعاداتها عن وفاء وإخلاص. لكن طلعته البهية، وجاذبيته رغم هذا كله أفسدتا عليه خططه، فقد هامت الملكة بحبه، وحملت منه بولد، وأسرّت إلى أصدقائها في زهو وفخار أنه أبوه. واعتذر هو لأصدقائه عن فعلته هذه بأنه لم يستطع أن يقاوم رغبته في أن يكون ملوك لكونيا من نسله. وجاء الملك أجيس إلى بلده، وكان متغيباً عنه مع جيشه. وعلم ألقبياس بذلك فحصل على منصب في قسم أسطول إسبارطة كان مسافراً إلى آسية. وتبرأ الملك من الطفل، وبعث بأوامر سرية تقضي باغتيال ألقبيادس، ولكن أصدقاءه حذروه من هذا، ففر وانضم لطشفرن Tissaphernes قائد الأسطول الفارسي في سرديس.
وكان نيشياس يواجه في الطرف الآخر من ميدان القتال مقاومة لا يستطيع التغلب عليها إلا عبقرية ألقبيادس العسكرية ومهارته في حبك الدسائس وتدبير المؤامرات. ذلك أن صقلية بأجمعها تقريباً خفت لمساعدة سرقوصة. وفي عام ٤١٤ استطاع أسطول صقلية بمساعدة أسطول إسبارطي يقوده جيبلس Gylippus أن يحصر السفن الأثينية الحربية في ميناء سرقوصة ويمنع عنها الطعام. وفقدت هذه السفن آخر فرصة أتيحت لها للخروج من هذا المأزق حين خسف القمر فارتاع لذلك نيشياس وكثيرون من جنوده وحملهم هذا الروع على أن ينتظروا فرصة أخرى أكثر من هذه إرضاء للآلهة. ولكنهم في اليوم الثاني وجدوا أنفسهم يحيط بهم أعداؤهم فاضطروا كارهين