للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ألقبيادس قد أيد الثورة الألجركية سراً، وكان يرجو أن تمهد السبيل لعودته إلى أثينة، فلما عادت الديمقراطية إلى سابق عهدها استدعته إليها ووعدته بالعفو عنه؛ ولعلها كانت تجهل دسائسه، ولكنها كانت تعرف بلا ريب سيئات الحكومات التي توالت عليها بعد نفيه منها. غير أن ألقبياس أرجأ عودته ظافراً إلى أثينة، وتولى قيادة الأسطول المرابط عند ساموس، وأقدم على العمل بسرعة ونجاح سعدت بهما أثينة فترة قصيرة من الزمان. فقد اجتاز الهلسبنت مسرعاً، والتقى بأسطول إسبارطي عند سزكس Cyzicus ودمره تدميراً تاماً. (٤١٠)، ثم حاصر خلقيدون وبيزنطية حصاراً دام عاماً كاملاً استولى بعده عليهما وأعاد بذلك إلى أثينة سيطرتها على مواد الطعام المارة بالبسفور. ثم عاد بأسطوله نحو الجنوب فالتقى بعمارة إسبارطية أخرى قرب جزيرة أندروس وهزمها دون عناء. ورجع بعدئذ إلى أثينة (٤٠٧)، فحياه أهلها على بكرة أبيهم أحسن تحية واستقبلوه أحسن استقبال. لقد نسوا وقتئذ ذنوبه ولم يذكروا إلا عبقريته وحاجة أثينة الشديدة إلى قائد قدير مثله (٢٧). ولكن أثينة وهي تحتفل بانتصاراته لم ترسل إليه المال الذي يؤدي به رواتب بحارة أسطوله. وهنا أيضاً قضى على ألقبياس عدم استمساكه بالمبادئ الأخلاقية الكريمة. ذلك أنه ترك الجزء الأكبر من أسطوله عند نوتيوم Notium (قرب إفسوس) تحت إمرة رجل يدعى أنتيكس Antiochus، وأمره أن يبقى في الميناء وألا يشتبك في القتال مهما تكن الأسباب، ثم سار هو ومعه عدد قليل من السفن إلى كاريا Caria ليجمع منها المال إلى رجاله بأساليب لا يرضى عنها القانون. وطمع أنتيكس في الشهرة فغادر الميناء، وتحدى أسطولاً إسبارطياً صغيراً بقيادة ليسندر Lysander فقبل هذا القائد التحدي، وقَتَل أنتيكس بيده وأغرق معظم سفائن الأسطول الأثيني أو استولى عليها (٤٠٧). ولما علمت أثينة بهذه الفاجعة، وكان لها في الجمعية رد فعل سريع، فقد اجتمعت من فورها ووجهت اللوم إلى ألقبيادس