للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتركه أسطوله وعزله من قيادته. وأصبح ألقبياس يخشى أثينة وإسبارطة على السواء، فلم ير بداً من الالتجاء إلى بيثينيا Bithynia.

وأمرت أثينة في يأسها أن يصهر ما في التماثيل والقرابين القائمة على الأكربوليس من ذهب وفضة، وأن ينفق هذا كله في بناء أسطول جديد من مائة وخمسين سفينة ذات ثلاثة صفوف من المجاديف، ثم قررت أن تعتق الأرقاء، وتمنح حقوق المواطنية للغرباء، الذين يدافعون عن المدينة. وهزم الأسطول الجديد عمارة إسبارطية بالقرب من جزائر أرجنوسي Arginusae (جنوب لسيوس) في عام ٤٠٦، واهتزت مشاعر أثينة مرة أخرى بنشوة الظفر، ولكن الجمعية استشاطت غضباً حين سمعت أن قوادها (١) قد تركوا بحارة خمس وعشرين سفينة من السفن التي أغرقها العدو يموتون غرقاً على أثر عاصفة بحرية. ونادى المتحمسون أن أرواح هؤلاء الغرقى الذين لم يدفنوا طبقاً للمراسيم المرعية، ستطوف قلقة حول العالم؛ واتهموا الباقين على قيد الحياة بإهمالهم إنقاذ الغرقى، واقترحوا أن يحكم بالقتل على ثمانية من القواد المنتصرين (ومنهم ابن بركليز من أسبازيا). وتصادف أن كان سقراط عضواً في لجنة الرياسة في ذلك اليوم فأبى أن يعرض هذا الاقتراح على الجمعية. ولكنه عرض ووافقت عليه على الرغم منه، ونفذ الحكم بنفس السرعة التي صودق بها عليه. وما هي إلا أيام قلائل حتى ندمت الجمعية على فعلتها، وحكمت بالإعدام على من أقنعوها بقتل القواد. وفي هذه الأثناء عرض الإسبارطيون، بعد أن أوهنتهم الهزيمة، أن يعقدوا الصلح مرة أخرى، ولكن الجمعية الأثينية رفضت هذا العرض متأثرة ببلاغة كليوفون المخمور (٢٨).

واتجه الأسطول الأثيني بعدئذ نحو الشمال، تحت إمرة قواد من الطبقة


(١) كان لفظ استراتجوس Strategos يطلق على قواد الجيش والأسطول على السواء.