للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الشائعة، وسرعان ما يخيل إلى المستمعين إليهم أن من يفكر هذا التفكير لا يؤمن بالآلهة. وما أكثر هؤلاء، وما أقدم التهم التي يوجهونها إليَّ، وقد كانوا يوجهونها أثناء طفولتكم التي ينطبع فيها كل شيء قوياً في عقولكم، أو لعلهم وجهوها إليَّ في أثناء شبابكم، وسواء كان هذا أو ذاك فإن التهمة إذا وجهت ولم تجد من يفندها ثبتت في العقول. وأصعب ما في الأمر كله أني لا أستطيع ذكر أسمائهم لأني أجهلها، اللهم إلا اسم واحد عرفته مصادفة وهو شاعر هزلي … تلك هي حقيقة التهم الموجهة إلي، وهذا هو الذي رأيتموه بأعينكم في مسلاة أرسطوفان (٣٩).

وهو يقول إنه مكلف برسالة إلهية هي أن يهدي الناس إلى الحياة الصالحة البسيطة، وإنه لن يمتنع عن إبلاغ الناس هذه الرسالة أياً كان ما يهدد به:

"ولو فعلت لكان مسلكي عجيباً بحق. أي رجال أثينة، إذا كنت وأنا تحت إمرة القواد الذين اخترتموهم رؤساء عليَّ في بوتيديا، وأمفبوليس، ودبليوم قد ثبتُّ حيث أمروني بالثبات، وواجهت الموت كما واجهه كل رجل آخر - وإذا كنت الآن، وأنا أعتقد وأتصور أن الله يأمرني بأن أؤدي رسالة الفيلسوف فأفحص عن نفسي وعن غيري من الناس، إذا كنت أنا أتخلى عن مهمتي خشية الموت … ، وإذا ما قلتم لي: يا سقراط إنا سنعفو عنك الآن ولا نشترط عليك إلا أن تكف من هذه الساعة عن البحث والتفكير على هذا النحو … أجبتكم: أي رجال أثينة، إني أجلكم وأحبكم، ولكني سأطيع الله ولا أطيعكم، ولن أمتنع، ما دمت حياً وما دامت لدي قوة، عن ممارسة الفلسفة أو تعليمها للناس، أعظ كل من ألقاه على طريقتي الخاصة، وأقنعه، وأقول له: أي صديقي، لم تعنى كل هذه العناية كلها بادخار أكبر قدر مستطاع من المال والشرف والسمعة الطيبة ولا تدخر إلا النزر اليسير من الحكمة والحقيقة وأنت مواطن في مدينة أثينة العظيمة، القوية، الحكيمة؟ وأهيب بكم يا رجال