عند اليونان اسم خاص هو نيوبلوتوي Neoplutoi) يشيدون البيوت الكثيرة الزخرف، ويزينون نساءهم بالملابس والجواهر الغالية ويفسدونهن بكثرة الخدم، وأصبح تقديم أغلى أصناف المأكل والمشرب للضيوف دون غيرها من المأكولات والمشروبات هو القاعدة المقررة المألوفة (١٦).
وانتشر الفقر وسط هذه الثروة الطائلة، ذلك بأن حرية التبادل وأنواعه المختلفة اللتين أمكنتا مهرة الناس من جمع المال جعلتا السذج منهم يفقدونه أسرع مما كانوا يفقدونه من قبل، فكان الفقراء في نظام الاقتصاد التجاري الجديد أفقر نسبياً مما كان في أيام استرقاقهم في أملاك إقطاعيين؛ فكان الفلاحون في الريف يكدحون ليحصلوا بكدحهم وعرقهم على قليل من الزيت أو الخمر؛ وفي الحواضر ظلت أجور العمال الأحرار منخفضة المستوى بسبب منافسة الأرقاء؛ وكان مئات من المواطنين يعتمدون في معيشتهم على الأجور التي ينالونها نظير حضور جلسات الجمعية أو المحاكم؛ ولم يكن آلاف من الناس يجدون طعاماً إلا ما تقدمه لهم المعابد أو الدولة، ولا يملكون شيئاً. وفي عام ٤٣١ بلغ عدد من لا يملكون شيئاً قط من الناخبين (دع عنك عدد السكان بوجه عام) خمسة وأربعين في المائة من مجموعهم الكلي، فلما حلت سنة ٣٣٥ ارتفعت هذه النسبة إلى سبعة وخمسين في المائة (١٧). وفقدت الطبقات الوسطى، التي كانت لكثرة عددها وسلطانها تحفظ التوازن بين الأشراف والعامة، جزءاً كبيراً من ثروتها، ولم يعد في وسعها أن تتوسط بين الأغنياء والفقراء، بين المتحفظين الشديدي العناد والخياليين المتطرفين، وبذلك انقسم المجتمع الأثيني إلى "مدينتي" أفلاطون-"إحداهما مدينة الفقراء والأخرى مدينة الأغنياء، وكلتاهما في حرب مع الأخرى"(١٨). وأخذ الفقراء يضعون الخطط لسلب مال الأغنياء بالتشريع أو بالثورة، كما أخذ الأغنياء ينظمون أنفسهم جماعات لاتقاء شر الفقراء. ويقول أرسطاطاليس إن المنتمين إلى بعض النوادي الألجركية كان كل منهم يقسم بأن "أكون عدو الشعب"