(أي العامة)"وأن أوذيهم في المجلس بكل ما أستطيع من الأذى"(١٩) وقد كتب إسقراط حوالي عام ٣٦٦ يقول: "لقد أصبح الأغنياء ينفرون من سائر الطبقات الأخرى نفوراً يفضلون معه أن يلقوا بثروتهم في البحر عن أن يعينوا بشيء منها المحتاجين، على حين أن الرقيقي الحال يسرهم أن ينتهبوا أموال الأغنياء أكثر مما يسرهم العثور على كنز ثمين"(٢٠).
وانحاز عدد متزايد من أفراد الطبقات المتعلمة إلى جانب الفقراء (٢١). ذلك بأنهم كانوا يحتقرون التجار ورجال المصارف لما بدا لهم من أن ثروتهم تتناسب تناسباً عكسياً مع ثقافتهم وأذواقهم. وحتى الأغنياء من هؤلاء العلماء أخذت تدور بخلدهم أفكار شيوعية. وكان بركليز قد اتخذ من الاستعمار صمام أمان ليقلل به حدة النزاع بين الطبقات (٢٢)؛ ولكن ديونيشيوس كان يسيطر على الغرب، ومقدونية كانت تمد أملاكها في الشمال، فأخذت الصعاب تزداد في سبيل فتح أثينة بلاداً جديدة والاستقرار فيها. واستحوذ الفقراء في آخر الأمر على جميع السلطة في الجمعية وشرعوا يقررون مصادرة أموال الأغنياء ويحولونها إلى خزائن الدولة، لتوزعها من جديد على المحتاجين والناخبين عن طريق المشروعات الحكومية والأجور (٢٣). وأخذ رجال السياسة يبذلون كل ما في وسعهم من جهد ويستخدمون كل ما وهبوا من ذكاء ليكشفوا عن موارد جديدة لزيادة إيراد الدولة، فضاعفوا الضرائب غير المقررة، والضرائب الجمركية على الواردات والصادرات، وضريبة الواحد في المائة على نقل الملكية العقارية، وظلوا في وقت السلم يجبون الضرائب غير الاعتيادية التي قررت زمن الحرب، وأخذوا يطالبون بالتبرعات "الاختيارية"، وفرضوا على الأغنياء "فروضاً" أو "خدمات" جديدة متزايدة لتمويل المشروعات العامة من أموالهم الخاصة. وكانوا يلجأون بين الفينة والفينة إلى مصادرة الأموال ونزع الملكيات، ووسعوا نطاق ضريبة الإيراد حتى شملت مستويات من الثروة أدنى مما كانت تشملها من قبل (٢٤).