الإعانات التي تقدمها لهم الدولة، ورفعوا إلى أعلى المناصب مَن وعدوهم بأكبر معونة:
"إنكم حين تتناقشون في أعمال الدولة ترتابون في أصحاب الذكاء الفائق ولا تحبونهم؛ وترفعون بدلاً منهم أخطر من يتقدم إليكم من الخطباء … إنكم تفضلون السكارى عمن لا يتعاطون الخمر، ومن لا عقل لهم عن الحكماء، ومن يبددون أموال الدولة عمن يؤدون الخدمات العامة وينفقون عليها من مالهم الخاص"(١١).
وكان أخف من هذا وطأة على الدمقراطية في خطابه الثاني المسمى الأريوبجستس. ويقول في إحدى فقراته التي تصدق على كل زمان:"إنا لنجتمع في حوانيتنا ندد بالنظام الحاضر، ولكننا نرى أن الدمقراطيات الفاسدة النظام نفسها تسبب من الكوارث أقل مما تسببه الألجركية"(١٢). ويتساءل، ألم تكن سيادة إسبارطة على بلاد اليونان أسوأ من سيادة أثينة؟ "ألم نصبح نحن جميعاً بفضل جنون "الثلاثين" أشد تحمساً للدمقراطية من الذين احتلوا فيلي (١)؟ "(١٣) ولكن أثينة قد قضت على نفسها بتجاوز الحد في الأخذ بمبدأ الحرية والمساواة، و"بتدريب المواطنين تدريباً يجعلهم يعدون الوقاحة دمقراطية، والخروج على القانون حرية، والسفاهة في القول مساواة، وقدرتهم على أن يفعلوا كل ما يشاءون سعادة"(١٤). "ليس الناس كلهم أكفاء، ويجب ألا يكونوا كلهم أكفاء، في تولي المناصب العامة". وكان يشعر أن نظام القرعة قد نزل بمستوى الحكم الأثيني إلى الدرك الأسفل، وأدى إلى أوخم العواقب. ويقول إن خيراً من "حكم الغوغاء" هذا "حكم الملاك" الذي كان يدعو إليه صولون وكليسثنيز لأن الجهل المحبب للناس، والفصاحة التي تبتاع بالمال، تقل أمامهما فرص
(١) ثرازيبولس، وأنيتوس، وغيرهما ممن أعادوا الديمقراطية في عام ٤٠٤.