يقضي حاجة الطبيعة ومراسم الحب على مرأى من جميع الناس (٣٩). ولما رأى طفلاً يشرب الماء بيديه ألقى هو الآخر كوب الماء (٤٠). وكان في بعض الأحيان يحمل شمعة أو مصباحاً ويقول إنه يبحث بهما عن رجل (٤١). ولم يسئ في حياته إلى إنسان، ولكنه رفض أن يعترف بالقوانين، وأعلن قبل الرواقيين بزمن طويل أنه مواطن عالمي (Kosmopolites) . وكان يطوف بالبلاد على مهل، ونسمع أنه أقام بعض الوقت في سراقوصة. وقبض عليه القراصنة في بعض أسفاره وباعوه عبداً لأكسنياديس صاحب كورنثة. ولما سأله سيده عما يستطيع أن يؤديه من الأعمال قال:"إنه يستطيع أن يحكم الرجال"، فاتخذه أكسنياديس مربياً لأبنائه، ومشرفاً على شئون قصره، وأحسن ديجين القيام بكلا العملين إحساناً جعل سيده يطلق عليه لقب "العبقري الصالح"، ويعمل بمشورته في كل شيء. وظل ديجين يحيا حياته البسيطة لا يحيد عنها قط حتى أصبح بعد الإسكندر أشهر رجل في بلاد اليونان.
وكان متصنعاً بعض الشيء، وما من شك في أنه كان يحب الشهرة، وكان بارعاً في الجدل، ويقول سميه إنه لم يُغلب قط في مناقشة (٤٢). وكان يصف حرية الكلام بأنها أعظم الطيبات، وقد أفاد منها كثيراً هي والمزاح الخشن، والفكاهة التي لم تكن تُعجزه قط. وعنف ذات يوم امرأة تركع وتسجد أمام صورة مقدسة بأن سألها:"ألا تخافين أن تكوني في هذا الوضع وقد يكون في ورائك إله من الآلهة، لأن الآلهة يملأون كل مكان"(٤٣)؟؛ ولما رأى ابن حظية يرمي جماعة من الناس بحجر قال:"احذر أن تصيب أباك"(٤٤). وكان يكره النساء، ويحتقر من الرجال من يسلكون مسلك النساء، من ذلك أن شاباً كورنثياً جاءه متعطراً متأنقاً في ثيابه الغالية يسأله سؤالاً فأجابه بقوله:"لن أجيبك عن سؤالك حتى تخبرني: أولد أنت أم بنت"(٤٥)؟.
والعالم كله يعرف قصته مع الإسكندر حين التقى بالفيلسوف في كورنثة