للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على مصر) أخرج كليتس من مكان المأدبة. بيد أن كليتس كان يريد أن يقول أكثر مما قال، فعاد ليواصل طعنه. فرماه الإسكند بحربة أردته قتيلاً. وندم الإسكندر بعدئذ على عمله هذا ندماً حمله على أن يعتزل الناس ثلاثة أيام كاملة، امتنع فيها عن الطعام، وانتابته نوبات هستيرية، حاول فيها أن ينتحر. ولم يمض بعد ذلك ألا قليل من الوقت حتى قام هرمولوس Hermolaus، وهو خادم من خدم الإسكندر عاقبه في يوم من الأيام عقاباً ظالماً، بتدبير مؤامرة أخرى لقتله. وقبض على الغلام وعُذب حتى أتى باعتراف اتهم فيه كلستانس Callisthenes ابن أخي أرسطو. وكان كلستانس هذا يرافق الحملة بوصفه مؤرخاً رسمياً لها، وكان قد أغضب الملك لأنه أبى أن يسجد له، وأخذ ينتقد أساليبه الشرقية، ويتباهى بأن الخلف لن يعرف الإسكندر إلا عن طريق كلستانس المؤرخ. وأمر به الإسكندر فسجن حتى مات بعد سبعة أشهر من ذلك الوقت (١). وقضت هذه الحادثة على ما كان بين الإسكندر وأرسطو من صداقة، وكان الفيلسوف قد ظل عدة سنين يعرض حياته لأشد الأخطار بدفاعه عن قضية الإسكندر في أثينة.

وظل سخط الجيش يزداد حتى أوشك أن يكون في آخر الأمر تمرداً علنياً. ولما أعلن الملك في يوم من الأيام أنه يريد أن يرجع إلى مقدونية أكبر الجنود سناً بعد أن يمنح كلاً منهم جائزة سنية نظير خدمته (٢)، هاله أن يسمع الجند يتهامسون بأنهم يحبون أن يفصلهم جميعاً من سلك الجندية، لأنه وهو إله لا حاجة له بالناس ليحققوا أغراضه. فلم يكن منه إلا أن أمر


(١) تروى قصص متناقضة عن جريمته وموته. وأشهر ما تركه وراءه ثلاثة كتب: "الهلينيكا hellenica " وهو تاريخ لبلاد اليونان من ٣٨٧ إلى ٣٣٧، "وتاريخ الحرب المقدسة" و"تاريخ الإسكندر".
(٢) ويؤكد لنا أريان أنه وهب كلاً منهم وزنة زيادة على مرتبه الذي لم يكن لينقطع حتى يعود إلى وطنه.