للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمزقها الاختلافات الجغرافية والعنصرية، والتنازع العنيف على العرش، وغارات البرابرة من كل صوب. واستبسل أنتيوخوس الأول سوتر Soter (المنقذ) في حرب الغاليين؛ وعاش أنتيوخوس الثاني ثيوس (الإله)، عيشة الإدمان المستمر، كأنه أراد أن يثبت مرة أخرى ما تتعرض له البلاد ذات الحكومات الملكية المطلقة من خطر شديد؛ وبدأت زوجته لأوديسي Laodice سلسلة الدسائس والمؤامرات التي مزقت البيت المالك شر ممزق وقضت عليه في آخر الأمر. وكان أنتيوخوس الثالث الأكبر رجلاً عظيم الكفاية، حسن الثقافة؛ ويُظهره تمثاله النصفي المحفوظ في متحف اللوفر رجلاً يونانياً-مقدونياً جمع إلى شجاعة المقدونيين ذكاء اليونان. وقد استعاد بحروبه الطويلة معظم الأقاليم التي فقدتها الإمبراطورية من أيام سلوقس الأول، وأنشأ مكتبة في أنطاكية وناصر الحركة الأدبية التي بلغت ذروتها على يدي مليجر الغزي Meleager of Gaza في أواخر القرن الثاني. وحافظ هذا العاهل على العادة اليونانية، عادة استقلال المدن بشؤونها، وكتب إليها يقول إنه "إذا أمر بشيء يخالف القوانين، فعليها ألا تعير أمره التفاتاً، بل يجب أن تفترض أنه فعل ما فعل عن جهل (٢) ". ولكنه قضت عليه المطامع المفرطة، والخيال القوي، والعشق العنيف. وهزمه بطليموس الرابع عند رافيا Raphia في عام ٢١٧، وضاعت منه فينيقية، وسوريا، وفلسطين. وخفف من وقع هذه الهزيمة وأعقابها حملته المظفرة إلى بكتريا والهند (٢٠٨)، وهي الحملة التي جددت أعمال الإسكندر. وأغراهم هنيبال بأن يساعدهم على رومة فأرسل جيشاً إلى عوبية؛ وهام وهو في سن الخمسين بحب فتاة حسناء في خلقيس، وأخذ يغازلها غزلاً شريفاً، ثم تزوجها باحتفال عظيم، ونسي الحرب وقضى فصل الشتاء يستمتع معها بالسعادة (٣). وهزمه الرومان في ترمبيلي، وطردوه إلى آسية الصغرى، وهجموا عليه هجوماً عنيفاً في مجنيزيا. ولم تطاوعه