للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأدخل الغزاة اليونان في هذه الحياة البسيطة المتزمتة كل ما في الحضارة المهذبة الأبيقورية من أسباب اللهو والغواية. وقد كان يحيط ببلاد اليهود حلقة من المستقرات والمدن اليونانية: السامرة، ونيوبوليس، وغزة، وعسقلان، وأزوتس Azotus (أشرود) وجبا Joppa (يافا)، وأبولونيا Appollonia، ودوريس Dorisa، وسكمينا Sycamina، وبوليس Polis (حيفا) وأكو (عكا). وكان على الضفة الأخرى من نهر الأردن عصبة من عشر مدن يونانية: هي دمشق، وجدارا Gadara، وجراسا Gerasa، وديوم Dium، وفلدلفيا، وبلا Pella، ورافيا Raphia، وهبو Hippo، واسكيثوبوليس Csythopolis، وكنيثا Canetha. وكانت تقوم في كل واحدة من هذه المدن نظم ومؤسسات يونانية وهياكل للآلهة والإلهات اليونانية، ومدارس، ومجامع علمية، ومدارس وساحات للألعاب الرياضية، وألعاب يشترك فيها الناس وهم عراة. وأقبل على أورشليم من هذه المدن ومن الإسكندرية، وأنطاكية، وديلوس، ورودس يونان ويهود يحملون العدوى الهلينية، عدوى التبحر في العلم والفلسفة، والفن، والأدب، والاستمتاع بالجمال واللذة، والغناء، والرقص، والشراب، والطعام، والألعاب الرياضية، والعشيقات، والغلمان؛ فضلاً عن السفسطة المرحة، التي ترتاب في جميع القوانين الأخلاقية، والتشكك الذي قضى على كل عقيدة في خوارق الطبيعة. وهل يستطيع الشاب اليهودي أن يقاوم هذه المغريات، التي تدعوه إلى الاستمتاع باللذة وإلى التحرر من آلاف القيود الضيقة الثقيلة؟ لقد بدأ الشبان اليهود الفكهون يسخرون من الكهنة ويصفونهم بأنهم طلاب مال، كما يصفون الأتقياء من أتباعهم بأنهم حمقى، ينحدرون إلى الشيخوخة من غير أن يعرفوا الملاذ والترف ومباهج الحياة. وانضم إليهم في هذا أغنياء اليهود، لأنهم كانوا يستطيعون أن يستجيبوا لداعي الغواية. وأحس اليهود الذين كانوا يطلبون المناصب من الموظفين اليونان بأن من