للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمدارسنا وجامعاتنا، ومدارس التدريب الرياضي وملاعبه، والمباريات الرياضية الأولمبية، كل هذه ترجع أصولها إلى اليونان. ونظرية تحسين النسل، وفكرة ضبط الشهوة الجنسية، والسيطرة على الغرائز والعواطف، وعبادة الصحة والحياة الطبيعية، ومذهب إشباع الحواس، كل هذه وجدت صيغها التاريخية في بلاد اليونان. وقد تفرع الجزء الأكبر من الدين المسيحي والعبادات المسيحية (ولفظا Christian و Theology نفسيهما لفظان يونانيان) من الطقوس الخفية التي كانت منتشرة في بلاد اليونان ومصر، ومن المراسم الإليوزينية والأرفية، والأزريسية؛ ومن العقيدة اليونانية القائلة بموت الابن المقدس لتخليص الجنس البشري ثم بعثه من بين الموتى، ومن الطقوس اليونانية والمواكب الدينية وحفلات التطهير، والتضحية المقدسة، والطعام العام المقدس، ومن الآراء اليونانية عن الجحيم، والشياطين، والمطهر، والغفران، والجنة، ومن النظريات الروائية والأفلاطونية الجديدة عن الكلمة والخلق، واحتراق العالم في آخر الأمر. ونحن مدينون بخرافاتنا نفسها لما كان لدى اليونان من أغوال وساحرات، ولعنات، وتفاؤل وتشاؤم، وأيام منحوسة. ومنذا الذي يستطيع أن يفهم الأدب الإنجليزي، أو يستمتع بقصيدة واحدة من قصائد كيتس Keats إلا إذا كانت لديهِ فكرة عن الأساطير الدينية اليونانية.

ولولا ما كتبه اليونان وما نُقل إلينا عنهم لكان وجود أدبنا من أشق الأمور. فحروفنا الهجائية جاءتنا من بلاد اليونان عن طريق كومي ورومة، ولغتنا تكثر فيها الكلمات اليونانية؛ وعلومنا قد أنشأت لها لغة عامة دولية بوساطة المصطلحات اليونانية؛ ونحونا، وبلاغتنا، وحتى علامات الترقيم، وتقسيم هذه الصفحة إلى فقرات، كل هذا من اختراع اليونان (١)، وكل ما لدينا من صور أدبية- الشعر الغنائي، والقصائد، وأناشيد الرعاة، والرواية


(١) يقصد الكاتب بطبيعة الحال الإنجليز والأمريكيين.