الفنون شوه الجسم البشري كما شوهه الخزف التسكاني، أو أخرج من الوجوه المتنكرة البشعة أو الحيوانات الفظة، أو الشياطين المهولة، أو الآلهة المروعة، أكثر مما أخرجه هذا الخزف. غير أن الآنية السوداء المصنوعة في القرن السادس قبل الميلاد تسري فيها إيطالية، ولعلها تمثل تطوراً محلياً من الأنماط الفلانوفية. وقد عثر على مزهريات جميلة في فلسي Vulci وتاركويناي- نقلت من أثينا أو صنعت على مثال الزهريات الأتيكية ذات الرسوم السوداء. ويلوح أن مزهرية فرنسوا Francois وهي حجرة كبيرة ذات عروتين عثر عليها في شيوزى Chiusi فرنسي يسمى بهذا الاسم- يلوح أن هذه المزهرية من صنع الفنانين اليونانيين كليتياس Clitias وإرجتيمس Ergotimus. أما آنية رماد الموتى التي صنعت في العهود المتأخرة، والتي رسمت عليها صور حمراء على أرضية سوداء، فهي رشيقة الصنع ولكنها أيضاً صناعة يونانية بلا ريب. وإن كثرتها لتدل على أن صناع الخزف الأتيكيين قد سيطروا على الأسواق التسكانية ولم يبقوا فيها للصناع الوطنيين إلا المصنوعات التي لا تمت إلى الفن بصلة. وفي وسعنا أن نقول عن فن الخزف بوجه عام إن اللصوص كانوا على حق حين تركوا كل هذا الخزف في القبور التسكانية بعد انتهابها.
لكننا لا نستطيع أن نستخف هذا الاستخفاف كله بفن البرونز التسكاني. ذلك بأن الذين كانوا يصبون المصنوعات البرونزية في إتروريا قد وصلوا بهذا الفن إلى درجة الكمال. ويكاد ما صنعوه منه أن يبلغ من الكثرة ما بلغته الآنية الخزفية، وحسبنا شاهداً على هذه الكثرة أن مدينة واحدة من مدنهم كان فيها على حد قولهم ألفا تمثال برنزي. ويرجع معظم ما وصل إلينا من المصنوعات البرنزية إلى عهد سيطرة الرومان على تلك البلاد. وأشهر هذه الروائع الفنية كلها تمثالان هما الخطيب الذي يقف الآن في متحف العاديات في مدينة فلرنس Florence تحف به هالة من المهابة الرومانية والتحفظ البرنزي، وتمثال الهولة الذي عثر عليه في