عليهن، وطردوا الرجال من حلبة السباق، فما كان من تيتس تاتيوس Titus Tatius ملك قبيلة الكيوريين Curites إلا أن شن الحرب على روما، وسار بجيوشه لغزوها. وفتحت تربيا Tarpeia ابنة الوماني الموكل بإحدى القلاع القائمة على الكبتولين باب القلعة إلى الغزاة. وقد جازوها على عملها بأن دقوا عظامها بدروعهم؛ وأطلقت الأجيال التي جاءت من بعد اسمها على "صخرة تربيا" التي كان يلقى من فوقها المقضي عليهم بالإعدام ليلقوا حتفهم. ولما اقترب جنود تاتيوس من تل البلانين سعت نساء السبنيين -اللاتي كنّ يشعرن بنعم الأسر- إلى عقد هدنة بين الطرفين، وحجتهن في هذا أنهن سيخسرن أزواجهن إذا انتصر الكيوريون؛ وسيخسرن أخوتهن أو آباءهن إذا انهزموا. ونجح النساء في سعيهن وأقنع رومليوس تاتيوس ملك السبنيين بأن يشاركه ملكه، وأن تنضم قبيلته إلى اللاتين، فتصبح من مواطني روما؛ ومن ذلك الوقت سمي أحرار روما بالكيوريين أو الكويريين (Quirites Curites) (٣٠) . ولعل في هذه القصة الخيالية كلها هي الأخرى بعض الحقائق -أو لعل النعرة الوطنية قد صاغتها لتخفي بها فتح السبنيين مدينة روما.
وحكم رميولوس وما زمناً طويلاً رفع بعدها إلى السماء في عاصفة، واتخذ من بعد ذلك إلهاً من آلهة الرومان المحببين، يعبدونه باسم كويرينوس Quirinus (٣١) . ولما مات تاتيوس أيضاً اختار رؤساء الأسر الكبيرة رجلاً من السبنيين يدعى نوما بمبيليوس Numa Pompilius ملكاً على روما. والراجح أن السلطة السياسية الحقيقية فيما بين تأسيس روما وسيطرة التسكان عليها كانت في أيدي هؤلاء الرؤساء أو السناتوريين، على حين أن أعمال الملك كانت كأعمال الأركون باسليوس Archon basileus في مدينة أثينا في هذا الوقت عينه، ولا تخرج عن أعمال الكاهن الأكبر (٣٢). وتصور الأقاصيص الملك نوما السبيني في صورة شبيهة بالإمبراطور ماركس أورليوس Marcus Aurilius تصوره فيلسوفاً وقديساً معاً. ويقول عنه ليفي Livi إنه: