الذي بنى أول ساحة كبرى Circus Maximus، واستورد خيول السباق والمصارعين للألعاب الرومانية من إتروريا. والتسكانيون هم الذين أدخلوا في رومه المصارعات الوحشية، ولكنهم هم الذين وضعوا النساء فيها في منزلة لم تكن لهن في بلاد اليونان. وهم الذين استحالت على أيديهم من مناقع وخمة إلى حاضرة محمية متمدينة. وأخذت رومه عن إتروريا معظم مراسمها الدينية، كما أخذت عنها عادات زجر الطير والعرافة والإنباء بالغيب. ولقد ظلت وظيفة المتنبئ بالغيب جزءاً مقرراً في كل جيش روماني إلى أيام الإمبراطور يوليان Julian (أي إلى عام ٣٦٣ ب. م) وكان الاعتقاد السائد أن رميولوس Romulus قد خطط حدود رومه حسب المراسم والطقوس التسكانية. وعن إتروريا أخذ الرومان حفلات عرسهم وما فيها من رموز إلى عادة الأسر القديمة وحفلات جنائزهم كما أخذوا عنها موسيقاهم وآلات طربهم (٥٦). وكان معظم فناني رومه من التسكانيين، كما كان الشارع الروماني الذي يعمل فيه الفنانون يسمى Vicus Tuscus (البيوت التسكانية)، ولعل الفنانين أنفسهم قد تسربوا إلى رومه عن طريق لاتيوم من إغريق كمبانيا Campania. وكان فن النحت في رومه متأثراً أعمق الأثر بأقنعة الموتى التي كانت تغطى بها صور الأسر- وهي عادة أخذت من إتروريا.
وزين المثالون التسكانيون هياكل رومه وقصورها بالتماثيل البرنزية وبالصور المجسمة على الآجر والمحفورة فيه. وخلف مهندسو البناء التسكانيون في رومه "طرازاً تسكانياً" لا يزال حتى اليوم باقياً في كنيسة القديس بطرس. ولعل ملوك رومه التسكانيين هم الذين شادوا فيها أولى العمارات الكبيرة وحولوها من طائفة من الأكواخ الطينية أو العشش الخشبية إلى مدينة مشيدة من الخشب والآجر والحجارة. ولم تشهد رومه مثل ما شهدته من المباني في عهد التسكانيين إلا في عهد قيصر.