أو الرفض، وكانت هذه الجمعية بحكم تكوينها ذات نزعة تقدمية أكثر من الجمعية المئوية، ولكنها كانت أبعد ما تكون من التطرف. وذلك أن إحدى وثلاثين قبيلة من قبائلها الخمس والثلاثين كانت قبائل ريفية، وكان معظم أعضائها من ملاك الأراضي، فكانوا لذلك رجالاً حذرين، ولم يكن لمن فيها من عامة الحواضر، ولم يكونوا يتجاوزون أربع قبائل، شيء من السلطة السياسية قبل زمن ماريوس Marius أو بعد قيصر.
وهكذا ظل مجلس الشيوخ صاحب السلطان الأعلى في رومه. وكان أعضاؤه الأولون وهم رؤساء العشائر يجددون بقبول القناصل والرقباء (Censors) السابقين أعضاء فيه. وكان يعهد إلى الرقباء أن يعملوا حتى يظل أعضاؤه ثلاثمائة عضو على الدوام، وذلك بأن يرشحوا لعضويته رجالاً من طبقة الأعيان أو الفرسان. وكانت العضوية فيه تدوم مدى الحياة؛ ولكن كان من حق مجلس الشيوخ ومن حق الرقيب أن يفصل أي عضو يضبط متلبسًا بجناية أو بجريمة خلقية خطيرة. وكان هذا المجلس الأعلى يجتمع إذا دعاه إلى الاجتماع أحد كبار الحكام في الكوريا Curia أو بناء المجلس المواجه للسوق العامة. وكان من العادات اللطيفة أن يأتي الأعضاء معهم بأبنائهم ليحضروا الاجتماع وهم صامتون، ليتعلموا السياسة والمماحكة عن قرب. وكان حق المجلس من الوجهة النظرية مقصورًا على مناقشة ما يعرضه عليه أحد كبار الحكام من المسائل وإصدار قرار فيها، وكانت قراراته في هذه المسائل استشارية محضة senatus consulta ليس لها قوة القانون؛ ولكن المجلس كان له من عظم المكانة ما جعل الحكام يعملون بتوصياته في جميع الحالات تقريبًا، وقلما كانوا يعرضون على غيره من الجمعيات مسائل لم يقرها هو من قبل. على أنه كان من حق أي تربيون أن ينقض قرارات المجلس كما كان من حق الأقلية المنهزمة في المجلس أن تستأنف القرار إلى الجمعيات الأخرى (١٢). ولكن هذه الإجراءات كانت نادرة الحدوث إلا في أيام الثورات والانقلابات.