لصلح مذل رفض مجلس الشيوخ أن يصدق عليه، ونجح السمنيون في أن يضموا إليهم التسكانيين والغاليين، وألفت رومه نفسها وقتًا ما تواجه إيطاليا كلها تقريبًا شاكية السلاح. ولكن الفيالق الرومانية انتصرت انتصارًا حاسمًا في سنتينوم Sentinum (٢٩٥) ضمت رومه على أثره كمبانيا Campania وأمبريا Umbria إلى أملاكها. وبعد عامين من ذلك الوقت طردت الغاليين إلى ما وراء نهر ألبو وأخضعت إتروريا مرة أخرى لسلطانها.
وبذلك أصبحت رومه سيدة إيطاليا الممتدة من مقاطعات الغاليين في الشمال إلى المقاطعات اليونانية في الجنوب. لكن عدم اطمئنانها إلى سلامتها من جهة، ورغبتها في مواصلة الفتح من جهة أخرى، قد حملاها على أن تحيز مدن "اليونان الكبرى" Magna Graecia بين الحرب وبين محالفتها حلفًا تقر فيه لرومه بالزعامة. وفضلت مدن تورياي Thurii ولكري Locri وكروتونا Crotona أن تحالف رومه على أن تتعرض للاندماج في القبائل "المتبربرة"(أي الإيطالية)، التي كانت تتكاثر من حولها وبين أهلها؛ ولعلها هي أيضًا كانت تمزقها كما تمزق لاتيوم حرب الطبقات، واستقبلت الحاميات الرومانية لتصد عن الملاك مطامع العامة الذين كان سلطانهم آخذًا في الازدياد (٣٢). لكن تارتم Tarentum وقفت وقفة المعاند، واستعانت ببيرس Pyrrhus ملك إبيروس Epirus. وثارت في نفس هذا المحارب الباسل ذكريات أخيل Achilles والإسكندر فعبر البحر الأدرياوي بقوة إبيروسية، وهزم الرومان في هرقيلة Heraclea (٢٨٠ ق. م)؛ ولكن ما ناله من النصر كان غالي الثمن غلوًا حمل القائد المظفر على أن يرثى لحاله (٣٣). وانضمت إليه وقتئذ جميع المدن اليونانية في إيطاليا، وحالفه اللوكانيون، والبوتيون، والسمنيون. وبعث سنياس Cineas إلى رومه يعرض عليها الصلح، وأطلق سراح الألفي أسير روماني الذين كانوا في قبضته بعد أن وعدوه بأن يعودوا إذا فضلت رومه الحرب