من أبناء الأشراف (٧). على أن من واجبنا أن نضيف إلى هذا أن تلك القصص إنما يقصها علينا ديودور وهو يوناني من أهل صقلية لا يستنكف أن يشهد ما إعتاده اليونان من قتل أطفالهم وهو هادئ مطمئن. وليس ببعيد أن يكون منشأ هذه العادة القرطاجنية عادة التضحية بالأطفال أن أولئك القوم أرادوا أن يصبغوا ما يبذلون من الجهد لضبط النسل بصبغة التقي والصلاح.
ولما أن دمر الرومان قرطاجنة أهدوا ما وجدوه فيها من المكتبات إلى أحلافهم من أهل أفريقية. ولكن هذه الكتب لم يبق منها إلا كتاب هنو الذي سجل فيه رحلته وشذرات من كتاب ماجو في الزراعة. ويؤكد لنا القديس أوغسطين تأكيدًا يكتنفه شيء من الغموض أنه "كان في قرطاجنة كثير من الأشياء التي خلدت ذكراها في عقول من خلفهم من الناس (٨) ". وقد استعان سلست Sallust وجوبا Juba بما كتبه المؤخرون القرطاجنيون، ولكنّا لا نجد لدينا تاريخًا لقرطاجنة كتبه مؤرخ من أبنائها. أما عمارتها فحسبنا أن نقول عنها إن الرومان لم يتركوا فيها حجرًا على حجر. ويقص علينا بعضهم أن طراز مبانيها كان مزيجًا من الطرازين الفينيقي واليوناني، وأن هياكلها كانت ضخمة مزخرفة، وأن هيكل بعل- هامان وتمثاله كانا مصفحين بألواح من الذهب تقدر قيمتها بألف وزنة (تالنت)، وأن اليونان أنفسهم مع ما عرف عنهم من زهو وكبرياء كانوا يعدون قرطاجنة من أجمل العواصم في العالم كله. ويحتوي متحف تونس على قطع من توابيت الموتى وجدت في مقابر بالقرب من موقع قرطاجنة، أجملها كلها صورة واضحة المعارف، لعلها صورة ثانيت، يونانية الطابع في جوهرها. وثمة تماثيل صغرى استخرجت من القبور القرطاجنية وفي جزائر البليار، ولكنها فجة خالية من الدقة، وكثيرًا ما تكون بشعة لا تطيق العين رؤيتها كأنها صنعت لإرهاب الأطفال أو طرد الشياطين. أما ما بقي من الخزف فيدل على أن هذا الفن كان يقصد إلى النفع لا إلى الجمال الفني، ولكنا نعرف أن الصناع