القرطاجنيين قد أخرجوا نماذج طيبة من المنسوجات، والحلي، والنقش على العاج والأبنوس والكهرمان والزجاج.
وليس في استطاعتنا في الوقت الحاضر أن نرسم أية صورة واضحة للحكومة القرطاجنية. وقد أثنى أرسطوطاليس على دستور قرطاجنة ووصفه بأنه "أرقى من سائر دساتير العالم في كثير من نواحيه"، وذلك "لأن الدولة تعد حسنة النظام إذا كان العامة أوفياء لدستورها على الدوام، وإذا لم يثر فيها نزاع أثيم يستحق الذكر، وإذا لم يستطع أحد أن ينصب نفسه دكتاتورًا (١٠) "؛ وكان أهلها يجتمعون من آن إلى آن في جمعية وطنية من حقها أن تقبل أو ترفض ما يعرضه عليها من الاقتراحات مجلس الشيوخ المكون من ثلاثمائة من أهل المدينة الكبار، ولا حق لها في مناقشتها أو تعديلها. على أن مجلس الشيوخ نفسه لم يكن يحتم عليه أن يعرض على الجمعية أي مشروع في وسع أعضائه أن يتفقوا عليه (١١). وكان السكان هم الذين يختارون الشيوخ، غير أن الرشا العلنية قد أنقصت من مزايا هذه الإجراءات الديمقراطية ومن أخطارها، وأحلت ألجاركية المال محل أرستقراطية المولد. وكانت الجمعية الوطنية تختار في كل عام شفيتيين Shofetes ليرأسا الناحيتين القضائية والإدارية في الدولة. وكان من فوق الهيئات القضائية والإدارية جميعًا محكمة مؤلفة من ١٠٤ من القضاة يبقون في مناصبهم مدى الحياة، وإن كان القانون لا يجيز هذا البقاء. وإذ كان من حق هذه المحكمة أن تشرف على جميع فروع الإدارة، وأن تستدعي كل موظف عمومي بعد انتهاء مدة خدمته لتحاسبه على أعماله، فقد أصبحت قبيل الحروب البونية هي المسيطرة على جميع الإدارات الحكومية والمشرفة على جميع المواطنين.
وكان مجلس الشيوخ هو الذي يرشح القائد الأعلى للجيش، على أن تختاره الجمعية من بين المرشحين. وكلن مركزه خيرًا من مركز القنصل في رومه لأنه كان في وسعه أن يبقى في منصبه طوال المدة التي يرغب مجلس الشيوخ أن يبقى