من النصر لولا أن أرسل إلى أسبانيا سبيو الإفريقي Scipio Africanus، ابن أحد القائدين وابن أخ الثاني، ليتولى قيادة الجيوش الرومانية فيها، ولم يكن سبيو هذا قد تجاوز الرابعة والعشرين من عمره في ذلك الوقت، ولم تكن هذه السن تجيز له من الوجهة القانونية أن يشغل هذا المنصب الخطير؛ ولكن مجلس الشيوخ كان في ذلك الوقت لا يرى ضيرًا في أن يتجاوز عن حرفية الدستور إذا كان في ذلك التجاوز نجاة الدولة، وكانت الجمعية قد رضيت مختارة أن تخضع لإرادة الشيوخ، ولم يكن الشعب يعجب به لبهاء طلعته وفصاحة لسانه وذكائه وشجاعته فحسب، بل كان يعجب به كذلك لتقواه، وعدالته، وبشاشته. وكان من عادته قبل أن يقدم على أمر خطير أن يناجي الآلهة في الهياكل المقامة على الكبتول، كما كان من عادته بعد أن ينال النصر أن يكافئها بذبح مئات من الثيران قرباناً لها. وكان يعتقد، أو لعله كان يتظاهر بالاعتقاد، أنه محبوب الآلهة؛ وكانت انتصاراته سبباً في انتشار هذه العقيدة بين أتباعه فملأت قلوبهم ثقة به. وما لبث أن أعاد النظام إلى الجيش، واستولى على نوفا كرتاجو (قرطاجنة الجديدة) بعد حصار طويل، وحرص على أن يبعث إلى خزانة الدولة بما وقع في يديه بعد سقوطها من المعادن الثمينة والحجارة الكريمة، واستسلمت له بعدئذ معظم المدن الأسبانية، ولم يحل عام ٢٠٥ حتى كانت أسبانيا ولاية رومانية.
ولكن قوة هزدروبال الرئيسية كانت قد أفلتت من يد سبيو واجتازت بلاد غالة وعبرت جبال الألب إلى إيطاليا. ووقعت الرسالة التي بعث بها القائد الشاب لهنيبال في يد الرومان، وعرفت رومه خططه الحربية. والتقى جيش روماني بقوته الصغيرة عند نهر متورس Metaurus (٢٠٧) وهزمته رغم مهارته في القيادة. ولما رأى هزدروبال أن قد حاقت به الهزيمة وأن لا أمل له في الوصول إلى أخيه، قفز في وسط الفيالق الرومانية حيث لقي حتفه. ويقول القائد المنتصر قطع رأس القائد الشاب،