المجتمع؛ ذلك أنه إذا امتلأت البطون أخلى الجوع الميدان للحب، ولذلك فشت الدعارة في رومه وانتشر اللواط حين اتصل الرومان ببلاد اليونان وبلاد آسيا، فكان كثير من الأغنياء يدفع الواحد منهم تالنتا (٣٦٠٠ ريال أمريكي) ثمناً للغلام الوسيم، وشكا كاتو من أن ثمن الولد الجميل يزيد على ثمن مزرعة (١٠). على أن النساء لم يخلين الميدان لهؤلاء الغزاة اليونان والسوريين، فأخذن يتجملن بكل وسائل التجميل التي هيأتها لهن الثروة الجديدة، وأصبحت الأدهان ضرورة لا غنى لهن عنها، وشرعن يستوردن من غالة أنواعاً من الصابون تخفى لون شعرهن الأشيب وتحيله أحمر (١١). وكان الثرى من أهل الطبقة الوسطى يتباهى بأن يزين زوجه وبناته بالملابس والجواهر الغالية ويطلقهن في المدينة يعلن عن ثروته؛ وزاد شأن النساء في دور الحكم نفسها، وفي ذلك يقول كاتو:"إن الرجال في جميع أنحاء العالم يحكمون النساء، أما نحن الرومان الذين نحكم جميع الرجال فإن نساءنا يحكمننا (١٢) ". وحدث في عام ١٩٥ ق. م أن خرجت نساء رومه الحرائر إلى السوق العامة ونادين بإلغاء قانون أبيوس Appius الصادر في عام ٢١٥ والذي يحرم على النساء التحلي بالذهب والملابس الكثيرة الألوان وركوب العربات. وأنذر كاتو الرومان بأن رومه سيحل بها الخراب إذا ألغي هذا القانون، وينطقه ليفي بهذه الخطبة التي قرأها كل جيل من الأجيال من ذلك الوقت إلى هذه الأيام:
"لو أننا كلنا قد استمسكنا في بيوتنا بحقوق الأزواج وسلطانهم، لما تورطنا الآن في هذه المشاكل مع نسائنا. أما ونحن لم نستمسك بهذه الحقوق وهذا السلطان فإن نفوذنا الذي قضي عليه استبداد النساء في البيت قد وطئته الأقدام، وقضي عليه في السوق … ألا فلتذكروا جميع النظم والقوانين الخاصة بالنساء، والتي حاول بها آباؤنا أن يقللوا من فجورهن ويجعلوا منهن زوجات طائعات لأزواجهن. ومع ذلك فإنكم رغم هذه القيود لا تستطيعون أن تكبحوا جماحهن.