بلغ يوما كاملا في كل أربع سنين. وبذلك كان التقويم المصري يختلف عن التقويم السماوي الحقيقي بست ساعات في كل عام. ولم يصحح المصريون قط هذا الخطأ، حتى جاء فلكيو الإسكندرية اليونان فأصلحوه بأمر يوليوس قيصر (في عام ٤٦ ق. م) وذلك بإضافة يوم بعد كل أربع سنين. وهذا هو ما يسمونه التقويم اليوليوسي. ثم صحح التقويم تصحيحاً أدق في عصر البابا جريجوري الثالث عشر (١٥٨٢) وذلك بحذف هذا اليوم الزائد (وهو اليوم التاسع والعشرين من فبراير) من السنين المتممة للمئات التي لا تقبل القسمة على ٤٠٠؛ وهذا هو "التقويم الجريجوري" الذي نستخدمه اليوم. وجملة القول أن تقويمنا في جوهره من وضع الشرق الأدنى القديم (١).
(١) لما كان شروق الشعرى منسوباً إلى الشمس يتأخر يوما كاملا في كل أربع سنين عما يتطلبه التقويم المصري ليكون الشروقان متفقين على الدوام، فإن هذا الخطأ يبلغ ٣٦٥ يوماً في كل ١٤٦٠ عاماً. وحين تكمل هذه الدورة السوثية (كما كان المصريون الأقدمون يسمونها) يعود التقويم المكتوب والتقويم السماوي إلى الاتفاق. وإذ كنا نعرف من سنوريس المؤلف اللاتيني أن شروق الشعرى الشمسي (منسوبا إلى شروق الشمس) قد اتفق في عام ١٣٩ ق. م مع بداية سنة التقويم المصري القديم، فإن من حقنا أن نفترض أن هذا التوافق بعينه كان يحدث في كل ١٤٦٠ سنة قبل ذلك التاريخ الأخير، أي في عام ١٣٢١ ق. م، وفي عام ٢٧٨١ ق. م، وفي عام ٤٢٤١ ق. م الخ الخ. ولما كان من الواضح أن التقويم المصري قد وضع في سنة كان فيها شروق الشعرى الشمسي (أي المنسوب إلى الشمس) قد وقع في أول يوم من أول شهور السنة، فإنا نستدل من هذا على أن ذلك التقويم قد بدأ العمل به في سنة كانت فاتحة دورة سوثية. وقد ورد ذكر التقويم المصري لأول مرة في النصوص الدينية المنقوشة في أهرام الأسرة الرابعة. ولما كان عهد تلك الأسرة يرجع بلا جدال إلى ما قبل عام ١٣٢١ ق. م، فإن التقويم لا بد أن يكون قد وضع في عام ٢٧٨١ ق. م أو في عام ٤٢٤١ ق. م أو قبل هاتين السنتين. وكان الاعتقاد السائد أن أقدم العامين أي عام ٤٢٤١ ق. م هو أول ما حدد من الأعوام في تاريخ العالم، ولكن الأستاذ شارف Scharf يعارض في هذا، وليس ببعيد أن نضطر إلى الأخذ بالرأي الثاني وهو أن عام ٢٧٨١ أو عاما قريبا منه هو مولد التقويم المصري القديم. فإذا صح هذا وجب أن نصحح التواريخ السالفة الذكر والتي حددناها لحكم الأسرة الأولى وتشييد الأهرام العظيمة بحيث تكون أقرب إلينا بنحو ثلاثمائة عام أو أربعمائة. ولما كان الموضوع لا يزال مثاراً للجدل فقد اعتمدنا في هذا الكتاب على التواريخ الواردة في كتاب التاريخ القديم لجامعة كمبردج (Cambridge Ancient History) .