يهيج أداء الديون سلعاً بقدر أثمانها محكمون من قبل الحكومة كما كانت تقدر قبل الحرب. وكان يرى أن هذه "خير وسيلة للاحتفاظ بشرف المدينين ولتبديد أو تقليل الخوف الذي كان يساور البعض من أن تلغى هذه الديون إلغاء تاماً، وهو الإلغاء الذي يحتمل حدوثه في أعقاب الحروب"(٣٤).
ومن الشواهد الدالة على بطئ سير الإصلاح في رومه قبل ذلك العهد أنه اضطر مرة أخرى أن يحرم استعباد المدين إذا لم يؤد دينه، وأنه أباح خصم الفوائد التي دفعت قبل ذلك الوقت من أصل الدين، وحدد سعر الفائدة بواحد في المائة كل شهر. وأرضت هذه الإجراءات معظم الدائنين لأنهم كانوا يخشون أن تصادر أموالهم، ولكنها أغضبت المتطرفين الذين كانوا يرجون أن يسير قيصر على خطة كاتلين فيلغى الديون كلها ويعيد توزيع الراضي على السكان. ووزع قيصر الحبوب على المعوزين وألغى جميع أحكام النفي ما عدا الحكم الصادر على ميلو، وعفا عن كل من يعود إلى البلاد من الأشراف. ولكن أحداً لم يحمد له اعتداله، ذلك أن المحافظين الذين عفا عنهم عادوا يأتمرون به ليقتلوه، وبينا كان يواجه بمبي في تساليا Thessaly تخلى عنه المتطرفون وانضموا إلى كئيليوس Caelius بعد أن وعدهم بإلغاء الديون إلغاء تاماً، وبمصادرة الأملاك الواسعة، وتوزيع الأراضي على الأهلين توزيعاً جديداً.
وفي أواخر عام ٤٩ انضم قيصر إلى الجنود والى الأسطول اللذين جمعهما لصاره في برنديزيوم. وكان عبور جيش من الجيوش البحر الأدرياوي شتاء في تلك الأيام عملاً لم يسمع به من أحد قط. ولم يكن في استطاعة الاثنتي عشرة سفينة التي تحت تصرفه أن تقل من جنوده إلا ستين ألفاً في كل مرة، وكانت أساطيل بمبي التي تفوقها عدة وعدداً تغدو وتروح بين ثغور الشاطئ المقابل له والجزائر المجاورة لهذا الشاطئ. ولكن قيصر رغم هذا أقلع بجنوده، ونزل في إبيروس ومعه عشرون ألفاً منهم. غير أن سفنه تحطمت وهي عائدة إلى إيطاليا. ولم يعرف