للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي عينه قيصر قبل مقتله والياً على غالة الإيطالية، وقد تولى هذا المنصب المربح رغم اشتراكه في اغتيال قيصر، استصدر قراراً من الجمعية بتعيينه هو والياً على هذه الولاية ذات الموقع العسكري الخطير، وعوض دسمس عنها بولاية مقدونية. ثم استصدر قراراً بأن يتخلى ماركس بروتس وكاسيوس عن مقربة لدسمس، وعن سوريا لدلابلا، وأن يقنعا بقورنية وكريت.

وارتاع مجلس الشيوخ من قوة أنطونيوس المتزايدة، فدعا إلى رومه كيوس أكتافيوس متبني قيصر لكي يقضي على هذه القوة. وقد صار كيوس في مستقبل الأيام أعظم الساسة الحاكمين في التاريخ الروماني. أما في عام ٤٤ فلم يكن قد تجاوز الثامنة عشرة من العمر، وقد تسمى باسم الرجل الذي تبناه كما جرت بذلك العادة المألوفة وعدله بإضافة اسمه هو فصار اسمه الكامل كيوس يوليوس قيصر أكتافيانوس. وظل ذلك اسمه حتى ضم إليه بعد سبعة عشر عاماً من ذلك الوقت اسم أغسطس، وهو اللقب العظيم التي تعرفه به القرون التالية. وكانت جدته هي يوليا Julia أخت قيصر، أما جده فكان مصرفياً من أصل عامي في فلترا Velitrae من أعمال لاتيوم. وكان أبوه قد عمل إيديلا شعبياً ثم بريتوراً ثم فيما بعد والياً على مقدونية.

وقد نُشئَ الغلام على البساطة الاسبارطية، وتعلم الآداب والفلسفة اليونانيتين والرمانيتين، وقضى معظم الثلاث السنين الأخيرة في قصر قيصر. ولقد كان من أسباب حزن قيصر أنه لم يكن له أبناء شرعيون، كما كان من أكبر الشواهد على حصافة رأيه أن تبنى أكتافيوس، فأخذه وهو غلام معه إلى أسبانيا في عام ٤٥، وسره أن رأى الشاب المريض، العصبي، الضعيف الجسم، قد تحمل أخطار الحرب وشدائدها بشجاعة عظيمة. وعمل قيصر على أن يدرب الشاب على فنون الحرب والحكم (٣). وإن لنعرف ملامحه من التماثيل الكثيرة التي أقيمت له: فهو رقيق، نحيل، جاد، حيي وحازم معاً، مستسلم وعنيد؛ مثالي اضطرته الظروف