المتحف، ناسياً أن له إمبراطورية في حاجة إلى من يحكمها. أما هي فلم تكن أسيرة حبه. بل كانت تعرف أن مصر الغنية الضعيفة لن تلبث أن تجتذب إليها رومه الشرهة القوية، وأن السبيل الوحيد لنجاة بلادها وعرشها هي أن تتزوج بسيد رومه. ولقد حاولت من قبل أن تفعل هذا بقيصر، وهي تحاول الآن أن تفعله بأنطونيوس، ولم يكن له هو سياسة غير سياسة قيصر. فمال إلى تحقيق الحلم القديم، وهو توحيد رومه ومصر، ونقل عاصمته إلى بلاد الشرق الفتان الجميل.
وبينما كان أنطونيوس يلهو ويلعب في الإسكندرية، كانت زوجته فلفيا وأخوها لوسيوس يأتمران بأكتافيان ليسقطاه وينتزعا سلطانه على رومه. والحق أن أكتافيان كان أبعد ما يكون عن السعادة في ذلك البلد: فقد أضحى مجلس الشيوخ بؤرة للمغامرين والقواد، ودب التذمر بين العمال المتعطلين، واختل نظام الشعب كل الاختلال. وكان سكستس بمبي يحول بين المدينة وبين استيراد ما يلزمها من الطعام، ووقف دولاب الأعمال التجارية لما ساد البلاد من خوف، وقضى النهب والضرائب الفادحة على الثروات فلم يكد يبقى منها شيء، وأخذ الكثيرون من الناس يعيشون عيشة الاستهتار والفساد الجنسي الطليق، محتجين بأن الغد قد يأتي بإلغاء العملة، أو بإنتهاب جديد، أو بالموت.
وكان أكتافيان نفسه من أبعد الناس طهارة الذيل في ذلك الوقت، وكأنما أرادت فلفيا وأراد لوسيوس أن يبلغا بالفوضى غايتها القصوى فجيشا جيشاً ودعوا إيطاليا إلى القضاء على أكتافيان، فحاصر ماركس أجربا Marcus Agrippa قائد جيوش أكتافيان لوسيوس في بروزيا Perusis حتى اضطره إلى الخروج منها بعد نفاد مؤونته (مارس عام ٤٠). وماتت فلفيا من شدة مرضها. وعدم تحقيق مطامعها، وحزنها على إهمال أنطونيوس لها. وعفا أكتافيان عن لوسيوس لعله بذلك يحتفظ بالسلام بينه وبين أنطونيوس، ولكن أنطونيوس عبر البحر وحاصر جيوش أكتافيان في برنديزيوم. وكان الجيشان أكثر حكمة من قائدهيما