فامتنع كل منهما عن قتال الآخر، واضطراهما إلى أن يسويا ما بينهما من نزاع تسوية سلمية (٤٠). وتعهد أنطونيوس أن يكون حسن السلوك، فزوجه أكتافيان أخته اللطيفة الطاهرة، وسر كل إنسان بهذه النتيجة إلى حين، وتنبأ فرجيل- وكان وقتئذ يكتب نشيده الرابع- بعودة حكم "زحل" العادل المثالي.
وفي عام ٣٨ وقع أكتافيان في حب ليفيا Livia زوجة تيبيريوس كلوديوس نيرون Tiberius Cladius Nero وكانت وقتئذ حاملاً، فطلق من أجلها زوجته الأولى اسكريبونيا Scriponie. وأقنع نيرون بالتخلص من ليفيا، وتزوج بها، واستطاع بفضل إصغائه إلى نصائحها المقنعة، وصلاتها بأشراف البلاد- لأنها من سلالة أسرة كلوديوس النبيلة- استطاع بذلك أن يحسن صلاته بطبقة الملاك، فخفض الضرائب، وأعاد ثلاثين ألفاً من العبيد الآبقين إلى سادتهم. وشرع يعمل في صبر وأناة لإعادة النظام إلى إيطاليا. وأمكنه بمعونة أجربا وبمائة وعشرين سفينة أمده بها أنطونيوس أن يحطم أسطول سكتس بمبي، ويستورد الطعام إلى رومه، ويقضي على مقاومة البمبيين (٣٦). وحمد له مجلس الشيوخ عمله واختاره تربيوناً طول حياته.
وذهب أنطونيوس إلى أثينا مع أكتافيا بعد أن زُفت إليه باحتفال رسمي في رومه. وفي ذلك البلد استمتع أنطونيوس إلى حين بتلك المتعة الجديدة متعة الحياة مع امرأة صالحة، وتخلى عن مشاغل السياسة والحرب، وأخذ يستمع إلى محاضرات الفلسفة وأكتافيا إلى جانبه. على أنه كان في هذه الأثناء يدرس الخطط التي وضعها قيصر لفتح بارثيا. وكان لبينس Labienus ابن قائد من قواد قيصر قد دخل في خدمة ملك بارثيا، وقاد جيوشه من نصر إلى نصر في قليقية وسوريا- وهما ولايتان من أغنى ولايات الدولة الرومانية وأعودها عليها بالمال (٤٠). وألفى أنطونيوس نفسه في حاجة إلى الجند لمواجهة هذا التهديد الخطير، كما وجد في حاجة إلى المال لأداء مرتبات الجنود، والمال عند كليوبطرة