وأصرَّ شاعر يوناني على أن يتعقبه كلما خر ج من قصرهِ كل يوم، ويعرض عليه أبياتاً من الشعر، فما كان منه في يوم من الأيام إلا أ، وقف وهو خارج من القصر وكتب هو بعض أبيات من عندهِ، وأمر أحد أتباعه أن يضعها في يد الشاعر اليوناني، فعرض الشاعر عليهِ بضعة دنانير وقال إنهُ يأسف لأنهُ لا يستطيع أن يقدم له أكثر منها، فأجازه قيصر على فكاهتهِ لا على شعرهِ بمائة ألف سسترس (١).
ونُشر من الكتب في ذلك الوقت ما لم ينشر مثله في أي عصر من العهود الماضية. أما الشعر فأصبح عمل كل إنسان فيلسوفاً كان أو أبله (٢). وإذ كان المقصود بالشعر كله وبمعظم الكتب أن يقرأ على الناس بصوت عالٍ، فقد كانت تُعقد الاجتماعات من الأصدقاء الذين يُدعون لهذا الغرض، أو من الجماهير ليقرأ عليهم المؤلفون ثمار قرائحهم. وكان يحدث في أوقات التسامح، وهي نادرة، وأن يقرأ المؤلفون هذه الثمار بعضهم على بعض. وكان جوفنال Juvenal يقول إن من الأسباب التي تضطره لسكنى الريف هو أن يفر من الشعراء الذين تزدحم بهم رومة (٣). وكان الكتاب يجتمعون في محال بيع الكتب التي يزدحم بها حي الأرجليتم Argiletum ليحصلوا على عدد من أنجبتهم البلاد من عباقرة الأدب، بينما كان المفلسون من محبي الكتب يقرؤون خلسة نتفاً من الكتب التي يعجزون عن شرائها. وكانت الإعلانات يُلصق على الجدران معلنة أسماء الكتب الجديدة وأثمانها، فكان المجلد الصغير يُباع بأربعة سسترات أو خمسة، والمجلد المتوسط يُباع بعشرة (نحو ريال أمريكي ونصف الريال)؛ أما الكتب الأنيقة كحكم مارتيال Martial والتي كانت تُزين في الغالب بصورة مؤلفيها فكان الواحد منها يُباع بخمسة دنانير أو نحوها (٣ ريالات (٤)). وكانت الكتب تصدر إلى جميع أنحاء الإمبراطورية أو تُنشر في رومة، وليون، وأثينة والإسكندرية في وقت واحد (١٤). وقد اغتبط مارتيال