لتظهر في الإنياذة بقدر ما تظهر بهِ الفجر ذات الأصابع الوردية في إلياذة هومر. ويستعير الشاعر من نئيفيوس، وإنيوس، ولكريشيوس حوادث وعبارات، وسطوراً كاملة في بعض الأحيان، كما أن أبولونيوس الرودسي Apllonius of Rhodes هو الذي يمده بالمثل الذي يحتذيهِ في حب ديدو المفجع، وهذا الأنموذج هو أرجونوتكا Argonautica. وكانت هذه الاستعارات الأدبية جائزة لا غبار عليها في عصر فرجيل، كما كانت جائزة في عصر شيكسبير، لك أنه كان ينظر إلى آداب البحر الأبيض المتوسط كلها على أنها تراث عقول البحر الأبيض المتوسط كلها، والمعين الذي تستمد منه هذه العقول. ولا جدال في أن ما تقوم عليهِ الملحمة من أساطير تتعب القارئ وتبعث في نفسهِ الملل، وذلك لأننا نضع لأنفسنا الآن أساطير أخرى جديدة؛ ولكن الذي لا شك فيهِ أيضاً أن هذه الإشارات والملحمات الإلهية التي تتخلل القصيدة كانت مألوفة محبوبة حتى لقراء الشعر الروماني المتشككين. ولسنا نجد في ملحمة فرجيل العليل ذات الشعر الهادئ السلس ما نجده في قصة هومر من حوادث دافئة، كما أننا لا نجد فيها الحقائق التي يسري فيها دم الحياة والتي تحرك جبابرة الإلياذة، أو أهل إثكا Ithaca السذج. يضاف إلى هذا أن قصة فرجيل كثيراً ما تمشي الهوينا، وأن أشخاصهُ كلهم تقريباً مرضى إلا الذين يهجرهم إنياس أو يقضي عليهم. وديدو الإنياذة امرأة حية لطيفة، خادعة، شديدة الانفعال، وترنس محارب ساذج شريف يغدر بهِ لاتنس، وتحكم عليهِ الآلهة السخيفة بموت هو غير جدير بهِ. وبعد أن يقرأ الإنسان عشر مقطوعات كلها نواح وندب، تشمئز نفسهُ من "تقي" إنياس الذي يتركه مسلوب الإرادة. ويُغتفر له عذره، ولا يولتيهِ النجاح إلا بتدخل القوى السماوية، وفوق هذا كله فإننا لا نستمتع بالخطب الطويلة التي يقتل بها الشاعر الصالحين من الرجال، والتس تكون بلاغتها سبباً آخر من أسباب مللنا، يضاف