للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاختيار الإمبراطور بقتل سلفه. ذلك أن الدمقراطية بعد تيبيريوس قد انتقلت من الجمعيات إلى الجيش، وكانت أداة الانتخاب هي حد السيف.

ويلوح أنه كان يبغض الملكية بغضاً حقاً خالياً من الرياء، وأنه كان يعد نفسه رأى مجلس الشيوخ الإداري وذراعه المنفذة، ولذلك رفض من الألقاب كل ما تشتم منه رائحة الملكية وقنع بلقب "زعيم الشيوخ" Princeps Senatus، وقضى على كل محاولة ترمي إلى تأليهه، أو عبادة روحه، وأظهر كرهه للملق. ولما أراد مجلس الشيوخ أن يسمي أحد الأشهر باسمه، كما سمي من قبل شهرين باسم قيصر وأغسطس، رد هذه التحية رداً ينطوي على الفكاهة فقال: "وماذا تفعلون إذا وجد لديكم ثلاثة عشر قيصراً؟ " (١). ورفض اقتراحاً يطلب إليه أن يعيد النظر فيمن يختارون لعضوية مجلس الشيوخ، وقال إنه لا شيء مطلقاً يفوق احترامه لهذه الجمعية القديمة "جمعية الملوك". وكان يحضر اجتماعات المجلس، ويحيل إليه "حتى أصغر الأمور ليحكم فيها"، ويجلس فيه ويتكلم كأنه عضو عادي لا أكثر، وكثيراً ما كان يقترع مع الأقلية، ولم يحتج يوماً من الأيام إذا وافق المجلس على قرارات تتعارض مع رغبته التي أبداها جهرة (٧). و "كان منطوياً على نفسه، صبوراً". على حد قول ستونيوس "إذا ما وجهت إليه وإلى أسرته الشتائم والافتراءات والمطاعن". وكان يقول في ذلك "إن البلد الحر يجب أن تطلق فيه حرية القول والفكر" (٨). ويعترف تاستس وهو من المعادين له أن ترشيحاته "كانت تصدر عن حكمة، وأن من كان يرشحهم من القناصل والبريتورين كانوا يتصفون بصفات الشرف والكمال القديمة الخليقة بمناصبهم. وكان من يلونهم من الموظفين يمارسون سلطات مناصبهم بعيدين عن


(١) ولقد كان على مجلس الشيوخ أن يعمل بقوله هذا فيقسم السن إلى ثلاثة عشر شهراً كل منها ثمانية وعشرون يوماً يعقبها يوم عطلة (أو يومان في السنة الكبيسة).