وتارنيم، وإني أفكر في أن أضم صقلية لأملاكي الصغيرة الأخرى، حتى إذا ما أردت أن أسافر إلى أفريقية استطعت أن أسير مجأوراً لشواطئ أملاكي … وإذا ما حدثتكم عن الفضة فإني أحدثكم عنها حديث الخبير؛ فعندي منها أقداح في حجم دنان الخمر … وعندي ألف جفنة تركها مميوس Mummius لسيدي … وأنا أشتري الأشياء بأبخس الأثمان وأبيعها بأغلاها؛ وقد يكون لغيري من الناس آراء غير هذه الآراء (٥). وهو رغم هذا رجل ظريف، يسب عبيده ولكنه يعفو عنهم من فوره، وهم من الكثرة بحيث لا يعرف صورته منهم إلا عشرهم، وهو لا ينسى أنه في الأصل عبد مثلهم ولذلك يقول عنهم قولاً كريماً:"إن العبيد رجال قد رضعوا اللبن الذي رضعناه … وسوف يشرب عبيدي إذا طال بهم العمر الماء الذي يشربه الأحرار". وهو يبرهن على حسن نواياه بأن يأمر بإحضار وصيته وقراءتها على ضيوفه فيجدون فيها أموالاً مخصصة لقبريته التي يختمها بقولهِ مفتخراً إنه "اغتنى من لاشيء، وإنه ترك وراءه ثلاثين مليون سسترس، وإنه لم يستمع قط إلى فيلسوف"(٦).
واختص وصف العشاء بأربعين صفحة، وإن عدداً قليلاً من الجمل لتكفي لوصف نكهته:
وكانت لدينا صينية مستديرة نقشت على أطرافها أبراج النجوم، وقد وضع الخادم على كل برج خير مايلائمه من الطعام؛ فوضع جلبان الضأن على برج الحمل ولحم البقر على برج الثور … ورحم خنزيرة لم تلد على برج السنبلة … ووضع على برج الميزان كفتين في إحداهما فطيرة وفي الأخرى كعكة … وأقبلت أربعة راقصات مسرعات ليرفعن الغطاء عن الطعام. وكان من تحته طيور محشوة، وبطون خنازير، يتوسطها أرنب، وفي الجوانب أربعة تماثيل لمارسياس Marsyas يخرج من مثاناتها حساء متبل يقع على سمك يسبح في الصحاف … ثم جاءت صينية أخرى عليها خنزيرة، علقت في أنيابها سلال مثقلة بالبلح، ومن حولها صغارها مصنوعة