ويبدأ بلني بالكفر بالآلهة، ويظن أنها لا تعدو أن تكون ظواهر طبيعية، أو كواكب سيارة، أو خدمات جسدت وألهت. والإله الأوحد في رأيه هو الطبيعة، أي مجموع القوى التي في الكون، ويلوح أن هذا الإله لا يعنى عناية خاصة بالشؤون الدنيوية (٦٨). ويرفض بلني في تواضع أن يقيس الكون، وليس ما يورده من معلومات فلكية إلا خليطا من السخافات والمستحيلات (كقوله "إن الشمس في أيام الحرب التي شبت بين أكتافيان وأنطونيوس ظلت قائمة ما يقرب من عام كامل"(٦٩))، ولكنه يشير إلى الشفق القطبي ويقدر الزمن الذي يستغرقه كل من المريخ، والمشتري، وزحل في دورته بسنتين واثنتي عشرة سنة وثلاثين سنة على التعاقب، ويورد بعض البراهين على كرية الأرض (٧١). ويحدثنا عن جزائر خرجت من قاع البحر الأبيض المتوسط في أيامه، ويظن أن صقلية وإيطاليا؛ وبوشيا وعوبيا؛ وقبرص وسوريا قد انفصلت كل واحدة من الثانية بفعل مياه البحر على مدى الأحقاب الطوال (٧٢). ويتحد عن أعمال التعدين الشاقة المذلة ويذكر في ألم وحسرة ان "كثيراً من الأيدي تبلى لكي يزين مفصل صغير (٧٢)، ويتمنى ان لو كان الناس لم يعثروا على الحديد، لأنه جعل الحرب أشد هولاً مما كانت عليه قبل ان يعثروا عليه، "كأننا أردنا ان نعجل بموت الناس، فجعلنا للحديد أجنحة وعلمناه الطيران" (٧٤) وهو يشير بقوله هذا إلى القذائف الحديدية التي تجهز بريش من الجلد يساعدها على الاحتفاظ بخط سيرها. ويذكر كما يذكر ثيوفراستس Theophrastus تحت اسم انتراسيت Anthracitis " حجراً يحترق"(٧٥)، ولكنه لا يذكر عن الفحم شيئاً غير هذا. ويشير إلى نوع من "الكتان لا يحترق" يطلق عليه اليونان اسم أزبستنون Asbestinon " ويستخدم فيه تحنيط جثث الملوك"، ويصف كثيرا من الحيوانات ويورد قوائم باسم حيوانات أخرى ويمتدح ذكاءها، ويذكر الطريقة التي يستطاع التحكم في نسلها، فنجعلها ذكوراً