السيد بخدمة عبيده في بعض الأعياد، وبما كان يضمنه العبد من عم لدائم في خدمة سيده قل ان يكون له نظير في هذه الأيام. ولم يكن العبيد يحرمون من مسرات الحياة العائلية؛ وتدل شواهد قبورهم على انهم لم يكونوا يقلون رحمة وشفقة عن الأحرار. انظر مثلا إلى ما كتب على قبر واحد من أبنائهم: "لقد أقام والدا يوكوبيون Eucopion هذا الأثر لأبنهما الذي عاش سنة أشهر وثلاثة أيام؛ كان فيها أظرف الأطفال وأكثرهم إدخالاً للسرور على قلوب من حولهم؛ ولقد كان أكبر أسباب سعادتنا وان لم يكن قادراً على الكلام". وثمة شواهد أخرى تدل على ما كان بين السادة والعبد من حب وعطف. من ذلك أن أحد الأسياد يجهر بأن خادمه الميت كان عزيزاً عليه كولده، وان أحد الشبان النبلاء يبدي حزنه الشديد على موت مربيته، وان مربية أخرى تظهر حزنها لموت طفل ترعاه، وان سيدة متعلمة أقامت نصباً تذكارياً جميلاً لأمين مكتبتها. وقد كتب استاتيوس Statius " قصيدة إلى فلافيوس أورسس Flavius Ursus يعزيه في موت عبد عزيز عليه". ولم يكن من غير المعتاد أن يخاطر عبد بحياته لحماية سيده، ومنم كثيرون صاحبوا سادتهم في منفاهم طائعين مختارين، ومنهم من ضحوا بحياتهم من أجل سادتهم. ومن النساء من حررن عبيدهن وتزوجنهم، ومن الرجال من كانوا يعاملونهم معاملة الأصدقاء، وكان سنكا يأكل معهم. وقد كان للأخلاق الرقيقة، والحس المرهف، وعدم وجود فارق في اللون بين السيد والعبد، والمبادئ الفلسفة الرواقية، وللعقائد الدينية التي جاءت من بلاد الشرق والتي لم تكن تعرف الفروق بين الطبقات، كان لهذه كلها نصيب في تقليل الرق وتحسين حال الأرقاء؛ ولكن العوامل الأساسية في هذه القلة وذلك التحسين كانت هي المزايا الاقتصادية التي تعود على السيد، وارتفاع ثمن العبيد. وكان كثيرون من العبيد ينالون احترام سادتهم لثقافتهم الراقية، فقد كان منهم مختزلون لخطبهم، ومساعدون لهم في بحوثهم، وأمناء لهم في شئونهم المالية،