وسط المدينة أو في حجرات خلف حوانيتهم أو في أعلاها. وكان كل مسكن عام يشعل في العادة مربعاً كاملاً من الأرض، ولذلك كان يطلق عليه لفظ إنسولا Insula أو جزيرة. وكان الكثير من هذه المباني يعلو ستة طباق أو سبعة، وكانت ضعيفة البناء ضعفاً جعل الكثير منها ينهار على من فيه ويقضي على حياة مئات منهم. وقد حدد أغسطس ارتفاع واجهات المباني بسبعين قدماً رومانية، ولكن يبدو أن هذا القانون كان يسمح بارتفاع الأجزاء الخلفية منها إلى أكثر من هذا القدر لأن مارتيال يحدثنا عن "بائس مسكين يسكن حجرة عليها يرتقي إليها بمائتي درج"(٦). وكان في الطبقات السفلى لكثير من المساكن حوانيت، وكان لبعضها شرفات في الطبقة الثانية، وكان قليل منها يصلها من أعلاها بالمساكن المقابلة لها في الشارع ممرات ذات عقود تحتوي حجرات إضافية تتخذها بعض العامة منازل لهم غير مأمونة. وكانت هذه الجزائر تكاد غص بها الطريق الجديدة النوفافيا Novavia، والكليفس فكتوريا Clives Victoriae (تل النصر)، في أعلى تل البلاتين، وحي الصابورا وهو حي صاخب مليء بالمواخير بين الفمنال Viminal والإسكويلين Esquiline حيث كان يسكن صيادو الأسواق وقصابو مسيلوم Macellum وبائعو السمك من رجال سوق السماكين، وبائعو الماشية أهل سوق البقر، وبائعو الخضر أهل سوق الخضر، وجميع عمال رومة كتبتها وأهل الحرف فيها. وكانت أحياء رومة الفقيرة تمتد إلى أطراف السوق العامة الكبرى.
وكانت الحوانيت تقوم على جانبي هذه السوق، وكانت تترد فيها أصداء ضجيج العمال ولجاجة المساومين، وكان بائعو الفاكهة، والكتب، والعطور، والطحانون، والصباغون، وتجار الزهور والآلات الحادة والأقفال، والصيادلة، وغيرهم من يقضون حاجات الناس وشهواتهم وأسباب غرورهم وكبريائهم، كان هؤلاء جميعاً يزحمون الشوارع بمظلاتهم وأكواخهم الممتدة فيها. وكان