لحيوان الصيد، وأبراجاً للطير وكروماً، ومجاري مائية، وعيوناً فوارة، ومساقط مائية، وبحيرات وسفائن إمبراطورية، وبيوتاً للهو، ومصايف، ومشاتل لتربية الأزهار، وأروقة ذات عمد يبلغ طولها ثلاثة آلاف قدم. وقد حفر أحد الفكهين على جدار من جدران هذا القصر هذه العبارة العظيمة الدلالة:"لقد أصبحت رومة كلها مسكن رجل واحد، وآن أن تهاجروا أيها المواطنون إلى فياي-إلا إذا كانت فياي نفسها سيحتويها بيت نيرون"(١٥). أما داخل القصر فكان يتلألأ فيه الرخام والبرونز والذهب فضلاً عن المعادن المذهبة التي تغطى تيجان العمد الكورنثية، ومعها آلاف التماثيل والنقوش البارزة، والرسوم الملونة، وروائع الفن التي جيء بها من أنحاء العالم القديم أو نهبت منها نهباً، ومنها اللاؤكون Laocoon. وكانت بعض الجدران مرصعة باللؤلؤ وغيره من الجواهر الغالية، وكان سقف حجرة المآدب مغطى بأزهار من العاج، يسقط منها بإشارة من الإمبراطور رشاش من العطر على الضيوف. وكان لحجرة الطعام سقف كري من العاج، منقوش بحيث يمثل السماء والنجوم، تحركه حركة بطيئة دائمة آلات مختفية عن الأبصار. وكانت بالقصر طائفة من الحجرات بها حمامات حارة وأخرى باردة أو فاترة المياه، وحمامات ذات مياه بحرية وأخرى كبريتية. ولما كاد المهندسان الرومانيان سلر Celer وسفيرس Severus يفرغان من تشييد هذا الصرح العظيم ودخله نيرون قال: "لقد سكنت آخر الأمر". وبعد جيل من ذلك الوقت أهمل هذا القصر العظيم الذي يحاكي قصور فرساي في العصر الحديث لكثرة ما يتطلبه الاحتفاظ به من النفقات، وما يتعرض له من الأخطار، وما يحيط به من الفقر، وشاد فسبازيان على أنقاضه الكلوسيوم كما شاد عليها تيتس وتراجان حماماتهما الضخام.
وشارك دومتيان نيرون في جنون البناء، فقد شاد له ربربوس Rabirius قصره المعروف ببيت فلافيا Domus Flavia. ولم يبلغ هذا البيت