الدولية. وكان لهم في رومة عدد كبير من المعابد، لكل واحد منها مدرسته، وكتبته، ومجلسه المكون من شيوخهم (١٩)، والمعروف باسم الجروسيا Gerousia. وكانت نزعة اليهود الانفصالية، واحتقارهم بالشرك وعبادة الأوثان، وتزمتهم الخلقي، وامتناعهم عن الذهاب إلى دور التمثيل أو مشاهدة الألعاب، وعاداتهم وطقوسهم الدينية الغربية، وفقرهم وما نتج عنه من قذارة، كان كل هذا سبباً في كراهية العناصر الأخرى لهم، وهي الكراهية المألوفة في تاريخهم الطويل. وقد ندد جوفنال بكثرة تناسلهم، كما ندد تاستس بوحدانيتهم الدينية وأميانس مرسيلس Ammianus Mareellinus بشغفهم بالثوم (٢٠). وزادت البغضاء بينهم وبين غيرهم من الطوائف بعد استيلاء الرومان على بيت المقدس وسط معارك دموية، ومثلت في موكب النصر الذي استقبل به تاستس جماعة كبيرة من الأسرى اليهود والغنائم المقدسة، كما مثلت رموز من هذا النوع على ما أقيم له من أقواس النصر، وأضاف فسبازيان إلى أذاهم السخرية منهم وأمر أن يخصص من ذلك الوقت نصف الشاقل، الذي كان يرسله اليهود المشتتون لصيانة الهيكل، لتعمير رومة. على أن كثيراً من الرومان المتعلمين كانوا يعجبون بعقيدة التوحيد اليهودية، ومنهم من اعتنق هذا الدين، وكان الكثيرون منهم حتى من بين الأسر الغنية يتخذون يوم السبت اليهودي يوم عبادة وراحة.
وإذا ما أضفنا إلى اليونان، السوريين، والمصريين، واليهود، وبعض التوميديين، والنويين، والأحباش الأفريقيين؛ وقليلاً من العرب، والبارثيين والكبدوكيين، والأرمن، والفريجيين، والبثينيين الأفريقيين؛ و "البرابرة" الأقوياء من دلماشيا، وتراقية، وداشيا، وألمانيا، والأشراف ذوي الشوارب من غالة، والشعراء والفلاحين من أسبانيا؛ "والمتوحشين ذوي الوشم من بريطانيا" إذا ما أضفنا هؤلاء كلهم إلى اليونان كانت لنا صورة من الأجناس المختلفة التي تتكون منها رومة الدولية. وقد دهش مارتيال أشد