للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن يحكم على ما كان عليه من يعللون أنفسهم بهذه الآمال من فقر ونكد. إلا أن هذه الحقول الفردوسية لا يمكن الوصول إليها إلا باستخدام صاحب المِعْبر الذي كان للمصريين كما كان شارون؛ ولم يكن هذا الشيخ الطاعن في السن يقبل في قاربه إلا الرجال والنساء الذين لم يرتكبوا في حياتهم ذنباً ما، وكان أوزير يحاسب الموتى ويزن قلب كل من يريد الركوب في كفة ميزان تقابله في الكفة الأخرى ريشة ليتأكد بذلك من صدق قوله. والذين لا ينجحون في هذا الاختبار في النهاية يحكم عليهم بأن يبقوا أبد الدهر في قبورهم يجوعون ويظمئون، ويطعمون من التماسيح البشعة، ولا يخرجون منها أبدا ليروا الشمس.

وكان الكهنة يقولون إن ثمة طرقاً ماهرة لاجتياز هذه الاختبارات، وكانوا على استعداد لتعريف الناس بهذه الطرق نظير ثمن يؤدونه لهم. ومن هذه الطرق أن يهيأ القبر بما يحتاجه الميت لغذائه من الطعام والشراب، وبمن يستطيع الاستعانة بهم من الخدم. ومن تلك الطرق أيضا أن يملأ القبر بالطلاسم التي تحبها الآلهة: من أسماك، ونسور، وأفاعي، وبما هو خير من هذه كلها وهو الجعران- والجعارين ضرب من الخنافس كانت في رأيهم رمزاً لبعث الروح لأنها تتوالد كما كان يبدو لهم بعملية التلقيح. فإذا ما بارك الكاهن هذه الأشياء حسب الطقوس الصحيحة أخافت كل معتد على الميت وقضت على كل شر. وكان خيراً من هذه وتلك أن يشتري كتاب الموتى (١)، وهو قراطيس ملفوفة أودع فيها


(١) ذلك اسم حديث أطلقه لبسيوس على نحو ألفي ملف من ورق البردي وجدت في عدة قبور، وتمتاز عن غيرها من الأوراق باحتوائها صيغاً لإرشاد الموتى. واسمها المصري هو: الخروج (من الموت) بالنهار. ويرجع تاريخها إلى عهد الأهرام، ولكن بعضها أقدم منها، ويعتقد المصريون الأقدمون أن هذه النصوص من تأليف تحوت إله الحكمة. وقد جاء في الفصل الرابع والخمسين منها أن هذا الكتاب قد عثر عليه في عين شمس وأنه كان (بخط الإله نفسه) (٢٥٠) ولقد عثر يوشيا على ما يشبه هذا الكتاب بين اليهود (انظر الفصل الخامس من الباب الثاني عشر من هذا الكتاب).