الاستشارات التي تعرض على أعلام فقهاء القانون، ويتمرن بعدئذ عند محام يترافع في القضايا. وأنشأ بعض المستشارين القانونيين في أوائل القرن الثاني بعد الميلاد مدارس Stationes في أحياء مختلفة من مدينة رومة يعلمون فيها القانون أو يصدرون فيها فتاوي قانونية. ويشكو أميانس Ammianus من ارتفاع الأجور التي كان يفرضها هؤلاء الفقهاء، ويقول إنهم كانوا يتقاضون ثمن تثاؤبهم نفسه، ويحلون قتل الأم إذا أدى العميل أجراً كافياً (٢٩). وكان هؤلاء المعلمون يسمون "أساتذة القانون"؛ ويلوح أن لفظ أستاذ Professor قد أطلق عليهم لأنه كان يطلب إليهم أن يعلنوا Profiteri عزمهم على أن يعلموا وأن يحصلوا بعدئذ من السلطات العامة على ترخيص بممارسة هذا العمل. (٣٠).
وكان لابد أن يوجد بين المحامين الكثيرين الذين يمارسون مهنتهم عدد منهم لا يتورعون عن بيع علمهم لأغراض صغيرة (٣١)، وعن قبول الرشا لكي يعرضوا قضايا موكليهم عرضاً ضعيفاً، وعن البحث عن ثغرات في القانون يبررون بها أية جريمة، وعن إثارة النزاع بين الأغنياء، وعن إطالة القضايا إلى أطول أجل يمكنهم من سلب أموال المتقاضين (٣٣)، وأن يزلزلوا المحاكم أو السوق العامة بأسئلتهم الإرهابية وعباراتهم الموجزة البذيئة. ومنهم من اضطرهم التنافس على القضايا إلى العمل على نيل الشهرة بالهرولة في الشوارع وبأيديهم أضابير من الوثائق وبأصابعهم خواتم مستعارة، ومن خلفهم خدم وأتباع، ومصفقون مأجورون ليصفقوا لهم وهم يخطبون (٣٤). وقد بلغ من كثرة الأساليب التي اخترعت للتملص من قانون سنسيوس Cincius القديم الخاص بأجور المحامين أن اضطر كلوديوس أن يجعل الحد القانوني الأعلى لهذه الأجور عشرة آلاف سسترس لكل قضية، وأن يجعل من حق المتقاضيين قانوناً أن يستردا ما زاد على هذا القدر (٣٥). لكن هذا القيد كان يسهل الإفلات منه. فنحن نسمع أن محامياً في أيام فسبازيان جمع ثروة تبلغ ٣٠٠. ٠٠٠. ٠٠٠ سسترس (نحو ٣٠. ٠٠٠. ٠٠٠