ريال أمريكي) (٣٦). غير أنه كان يوجد وقتئذ، كما يوجد في كل عصر من العصور، محامون وقضاة يضعون مواهبهم الصافية المنظمة في خدمة الحق والعدالة من غير نظر إلى الأجور، وكانت شهرة فقهاء قانون العظام الذين لا يعلو اسم على أسمائهم في تاريخ القانون، تطغى على نقائص أولئك المحامين الأدنياء.
وكانت المحاكم التي تنظر في قضايا المذنبين على درجات تختلف من المحاكم ذات القاضي أو الحاكم الواحد إلى الجمعيات الوطنية ومجلس الشيوخ والإمبراطور. وكان في وسع البريتور أن يختار بطريق القرعة بدل القاضي الواحد محلفين لا حد لعددهم، ولكنهم يكونون في العادة ٥١ أو ٧١ محلفاً ومن بين الثمانمائة والخمسين اسماً من أسماء طبقة الشيوخ أو الفرسان المدونة في ثبت المحلفين، وكان من حق المدعي والمدعى عليه أن يقدما ما شاءا من الاعتراضات على هذا الاختيار. وكانت محكمتان خاصتان تعقدان بصفة دائمة، إحداهما محكمة العشرة رجال Decemviri وتنظر في أحوال الأفراد المدنية، والثانية محكمة المائة Centumviri وتنظر في قضايا الملك والميراث. وكانت المرافعات أمام هذين النوعين من المحاكم علنية يباح حضورها للجمهور، لأنا نرى بلني الأصغر يصف الجمهور الكبير الذي حضر ليستمع إليه وهو يترافع أمام المحكمة الثانية (٣٧). ويشكو جوفنال (٣٨) وأبوليوس Apuleius (٣٩) من الارتشاء وكثرة التأجيل في هذه المحاكم، ولكن غضبهما نفسه يوحي بأن ما يشكوان منه كان من العيوب الاستثنائية القليلة.
وكانت المحاكمات تمتاز بنصيب من الحرية في القول والفعل قل أن نجد له نظيراً في محاكم هذه الأيام. وكان في وسع عدد من المحامين أن يحضروا مع كل طرف من طرفي النزاع؛ منهم من تخصص في تحضير البينات، ومنهم من تخصص في عرضها على المحكمة. وكان كتبة مختلفون Norarii، Actuarii، Scribea يسجلون المرافعات، وكان بعضها يسجل بطريقة الاختزال. ويصف مارتيال