للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قدما في ٣٥٤؛ وكانت مرصوفة بالحجارة الملساء ومحوطة بسور عال، وأمامها صف من العمد، وكان سوراها الشرقي والغربي تتخللهما كوات نصف دائرية غير نافذة مكونة من عمد دورية. وقامت في وسطها باسلقا ألبيا التي سميت باسم عشيرة تراجان والتي كان الغرض منها أن تكون مكاتب للأعمال التجارية والمالية، وكانت مزينة من الخارج بخمسين عموداً، نحت كل منها من حجر واحد؛ وكانت أرضها من الرخام، وتحيط بصحنها الرحب عمد من الحجر الأعبل، وسقفها القائم على كتل ضخمة مغطى بالبرنز. وأنشئت بالقرب من الطرف الشمالي للسوق الجديدة مكتبتان إحداهما للمؤلفات اللاتينية، والأخرى للمؤلفات اليونانية. وقام بينهما عمود تراجان وخلفهما هيكله. وكانت السوق بعد أن تمت من عجائب العمارة في العالم كله.

وكان العمود الذي لا يزال قائماً إلى اليوم في بداية أمره شاهداً على البراعة في نقل الحجارة. وكانت حجارته منحوتة من ثمان عشرة كتلة مكعبة من الرخام زنة كل منها خمسين طناً، وقد حملت الكتل على ظهور السفن من جزيرة باروس، ثم نقلت على مواعين عند آستيا Aestia، ثم جرت مصعدة في النهر ضد التيار، ثم حملت على اسطوانات إلى ضفة النهر وفي الشوارع إلى المكان الذي أقيم فيه العمود. وقطعت المكعبات بعد نقلها إلى اثنتين وثلاثين كتلة، شيدت قاعدة العمود من ثمان منها، وزينت ثلاثة من أوجه هذه القاعدة بتماثيل منحوتة، أما الوجه الرابع فكان يوصل إلى سلم مكون من ١٨٥ درجة رخامية، وأما جذع العمود، وكان طول قطره من أسفل اثنتي عشرة قدماً، وارتفاعه سبعاً وتسعين، فيتكون من إحدى وعشرين كتلة حجرية، وفي أعلاه تمثال لتراجان يمسك بيده كرة أرضية. وقد زينت الكتل قبل تثبيتها في مواضعها بنقوش بارزة تمثل حروب تراجان في داشيا. وكانت هذه النقوش أعلى ما وصلت إليه الواقعية الفلافية وفن النحت القديم التاريخي. ولم تكن تهدف